"1"
إذا كان رئيس وفد (الهيئة التفاوضية) في جنيف 4 ماضياً في المسار الخطأ بتضليل الشعب السوري تارة عبر (التبختر) الفارغ والتمظهر بالمنتصر، وتارة أخرى بالرهان على روسيا المحتلة والمعادية لبلدنا وشعبنا وثورتنا، وتارة أخرى بالتصريح بأن محادثاته مع دي ميستورا كانت ناجحة، متناسياً أنه وسيط أممي وليس ممثلاً لطرف منازع، وآخر يبشر ويعلن الانتصار الساحق؛ لأن وفد النظام قبل -بضغط روسي- بالتباحث في جدول أعمال المبعوث الدولي، نقول: إذا كان مصرّاً على المضي هكذا بدعم قسم من المحيطين به، فلينسحب ممثلو الفصائل وكل مَن يؤمن بالثورة وأهدافها، ويضعوا حداً لهذه المهزلة، ومن ثم البدء بالتحضير لمؤتمر وطني جامع لمراجعة الوضع وصياغة البرنامج السياسي، وانتخاب مجلس سياسي – عسكري لمواجهة كل التحديات.
"2"
لم يخطئ ثوريّو الثورة عندما ربطوا ظهور داعش بنظامَي الأسد وخامنئي، وحدوث عمليات التسليم والتسلّم، وتوزيع الأدوار بين الأطراف الثلاثة، وفي أكثر من مكان جاء البرهان آخره إعادة تدمر مرة أخرى لقوات النظام، وقبل ذلك في جنوب الباب، كما لم يخطئ كرد الثورة، حينما أكدوا ارتباط جماعات "ب ك ك" في الساحة السورية بمشروع النظام واستعدادها لخدمته بالوقت المناسب، وقد انكشف أمرها منذ أن وفد مسلحوها منذ بداية الثورة إلى الأراضي السورية بعد صفقة "قرتيلان – شوكت" بدعم إيراني مباشر وكان آخر خدمات هذه الجماعات استعدادها لتسليم منبج والقرى المحيطة لقوات نظام الأسد وحزب الله، وتعقد هذه الصفقات برعاية روسية – إيرانية أيام جنيف 4 لتعزيز مواقف نظام الاستبداد.
"3"
تأملت مطوَّلاً ولم أجد أي سبب مقنع في انشراح رئيس وأعضاء وفد (الهيئة التفاوضية) إلى جنيف 4 وإفراطهم في التفاؤل، إلى درجة أنهم على وشك رفع شارات النصر، وهم بغالبيتهم من البعث وأولاد عمومته، كأنهم تناسوا أنهم هناك بعد قبولهم ببقاء النظام الاستبدادي، والحفاظ على مؤسساته العسكرية والأمنية والحزبية وحتى الرئاسية، والتفاوض المباشر مع وفده من أجل المشاركة في حكومته المقبلة، ولا يحملون معهم أهداف الثورة حتى ولو بصورة رمزية، واضعين كل أوراقهم في سلة الروس وهم (محتلون لبلادنا وأعداء لشعبنا وثورتنا)، وبغياب الجانب الأميركي، وكل الخشية بأن التظاهر بالتفاؤل مجرد تمثيلية لتضليل السوريين بغية إخفاء تورطهم أو توريطهم بعد فقدان كل الأوراق على الأرض.
"4"
هناك تقليص واضح للمسافة بين مختلف جماعات "المعارضة" التي كانت محسوبة على الثورة أو الموالية للنظام، والتقت على موقف موحد من القضية الرئيسية، وأعني القبول بالنظام ومؤسساته والاستعداد للتحاور معه، والعمل معاً في حكومة واحدة على أساس ورقة مندوب الأمم المتحدة حول حكم غير طائفي وصياغة دستور، وإجراء الانتخابات في عدة مراحل قد تطول لسنوات أو عقود، ليس معلوماً، وفي هذا التطور المتدرج لم تتغير المعارضة الموالية من هيئة التنسيق إلى المنصات الثلاث، وبقيت ثابتة على مواقفها، ومن تبدل حقيقة هو الائتلاف والهيئة التفاوضية.
"5"
صحيح أن شعبنا بات على دراية تامة بإخفاق قيادات أحزاب (المجلسين) وتحمّلها المسؤولية الأولى في الانقسام وإضاعة الفرص وفقدان استقلالية القرار، وهو لا يعتبر ذلك نهاية المطاف، ولن يفقد الآمال بمستقبله؛ لأن حركتنا الوطنية الكردية المناضلة في بداية القرن الجديد لا تختزل في هذه الأحزاب التي قد تشكل الجزء الأصغر كماً وفعلاً، فالحراك الشبابي الثوري قلبها النابض، والأكثرية الوطنية الصامتة نواتها، وحركات المجتمع المدني رافعتها، والكتلة النسائية المستقلة الصاعدة زينتها، والفئات والشخصيات المثقفة الواعية الصلبة حماتها، ومن هذا المنطلق أدعو النخبة الكردية والجمهور الواسع إلى التعامل مع مشروعها في "إعادة بناء الحركة الوطنية الكردية السورية" بجدية وبفعل ثقافي عميق، ومناقشة بنوده عبر اللقاءات ووسائل الإعلام.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.