إضاءات على مسار الأحداث السورية

قامت الثورة السورية معبرة عن الصراع الرئيسي بين غالبية الشعب من جهة، والنظام المستبد من الجهة الأخرى، وحاول النظام إضفاء ألوان دينية ومذهبية مصطنعة لتضليل المجتمع الدولي بتجاوب مباشر من فرسان الثورة المضادة،

عربي بوست
تم النشر: 2017/02/24 الساعة 01:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/02/24 الساعة 01:19 بتوقيت غرينتش

"1"
وقائع "منصة" بيروت الأخيرة في المسلسل لفتت نظري من بين أسماء الأحزاب والتجمعات الوهمية الهزيلة المشاركة بعض مندوبي الأجهزة الأمنية باسم كل من (الكتلة الوطنية وحزب الشعب) وهما من أقدم حركات المتنورين الوطنيين والطبقة الوسطى قبل عقود، التي واجهت العثمانيين وتصدَّت للانتداب من أجل الحرية والاستقلال، ومن أبرز زعمائها التاريخيين الذين تركوا بصماتهم على تاريخ بلادنا: هاشم الأتاسي، وسعد الله الجابري، ولطفي الحفار، وجميل مردم، وشكري القوتلي، ونسيب البكري، وإبراهيم هنانو، وسلطان باشا الأطرش، وفارس الخوري، وصالح العلي، ونجيب البرازي، وفخري البارودي، ومحمد الأشمر، أما حزب الشعب فظهر من صفوف الكتلة الوطنية ومن زعمائه: ناظم القدسي، ورشدي الكيخيا، وكما أعتقد فإن المسألة أبعد من انتحال الاسمين؛ بل هي الإمعان في تشويه تاريخ سوريا وإهانة رجالاتها من بناة الاستقلال.

"2 "

قامت الثورة السورية معبرة عن الصراع الرئيسي بين غالبية الشعب من جهة، والنظام المستبد من الجهة الأخرى، وحاول النظام إضفاء ألوان دينية ومذهبية مصطنعة لتضليل المجتمع الدولي بتجاوب مباشر من فرسان الثورة المضادة، الذين اخترقوا صفوف الثوار، ويتعاون الجميع الآن إضافة إلى الأطراف الإقليمية والدولية لتشويه الوجه الحقيقي الباقي من معادلة الكفاح الوطني في بلادنا، بما يحمل من قيم الحرية والديمقراطية والعدل والكرامة، إلى صراع الأجندات الخارجية زائد نظام الأسد عبر المنصات (أستانا – القاهرة – موسكو – دمشق – حميميم – بيروت – وقبل ذلك إسطنبول – الدوحة – الرياض)، وبالنتيجة من حق طرفين فقط الشعور بالنجاح فيما سعيا إليه وهما: نظام الأسد والإخوان المسلمون.

"3"

في مقابلة مع وسائل إعلام بلجيكية يقول رأس نظام الاستبداد في معرض رده على كونه وريثاً لأبيه: "قد يكون هذا من قبيل المصادفة؛ لأن الرئيس الأسد لم يكن له وريث في المؤسسة ليكون خليفة له، توفي الرئيس الأسد، وتم انتخابي دون أن يكون لي أي علاقة بانتخابي عندما كان رئيساً"، لقد كذب مرتين: في الأولى حين تجاهل أن شقيقه "باسل" كان الخليفة المعتمد والمقرر قبل موته، وفي الثانية بأنه جاء بالصدفة في حين كان بقرار العائلة والمؤسسات العسكرية والأمنية والحزبية وغطاء خارجي، وصدق القول فقط عندما قال بأن والده أيضاً لم يكن له علاقة بانتخابه، والسبب أنه كان ميتاً، ولم يثق به في حياته.

"4"

التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية "أمنستي" يؤكد اقتراف نظام الأسد جريمة إعدامات جماعية سرية بحق 13 ألف سوري من المعارضة بين (2011 و2015) في سجن صيدنايا فقط، وذلك استناداً إلى تحقيقات مع 84 شاهداً، بينهم حراس سجن سابقون ومحامون ومسؤولون ومعتقلون وقضاة، ولو أضفنا الضحايا في العامين الأخيرين، وكذلك من السجون والمعتقلات الأخرى وهم بالمئات، لوصل العدد إلى مئات آلاف الشهداء من خيرة بنات وأبناء سوريا، ولا شك أن اللقاءات الإعلامية التي أجريت لعدد من سجناء صيدنايا السابقين، ومنهم الناشط الشبابي الكردي شبال إبراهيم، قد عززت من مصداقية التقرير، وبعد كل ذلك هناك من يهرول إلى جنيف 4 للتصالح مع هذا النظام القاتل.

"5"
على سيرة العلاقات الأميركية – الروسية من منظورنا كسوريين؛ حيث الشعور العام يشوبه القلق المشروع عن مدى صحة ما تردد عن إمكانية وجود علاقات خاصة بين ترامب وبوتين، على حساب الشعب السوري، أو أن الأول سيتنازل للثاني ويسكت عن تجاوزاته، بسبب مستمسكات روسية عليه عن ممارسات غير لائقة، وكما أرى فإنه أياً كانت هوية الرئيس الأميركي أو وضعه لن يتجاوز واقع الصراع التاريخي والتنافس على النفوذ والمواجهة من أجل المصالح بين الدولتين الأعظم، وبالرغم من أن الإدارة الجديدة ما زالت في أيامها الأولى، فقد أطلقت تصريحات تحذيرية ضد نظام بوتين، وكان آخرها ما قاله ترامب بالذات من أن بوتين قاتل، وقد يقصد ما اقترفه بحق السوريين أو الأوكرانيين أو معارضيه الروس، وأكمل أنه مع ذلك يحترمه، وهذا أمر شخصي، يعود كما أرى إلى شريعة "القبضايات" وأعراف رجال المافيات.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد