فيما كان فرحان أحمد يأمل بالحصول على اللجوء في الولايات المتحدة بعد فراره من تهديدات بالقتل في الصومال، دفعته مخاوفه من حملة الرئيس دونالد ترامب ضد المهاجرين إلى خوض رحلة جديدة محفوفة بالمخاطر إلى كندا.
وكان المهاجر البالغ من العمر 36 عاماً بين نحو عشرين طالب لجوء تحدوا الصقيع في إحدى ليالي هذا الشهر ليعبروا الحدود سيراً وسط الثلوج ويقدموا طلبهم في كندا.
عشرون طالب لجوء هو عدد قياسي سجلته قرية إيمرسن خلال عطلة نهاية أسبوع واحدة، فيما يتوقع وصول المزيد.
ودفع قرار حظر دخول جميع المهاجرين ومسافري سبع دول ذات غالبية مسلمة الذي أصدره الرئيس الأميركي العديد ممن كانوا يأملون بدء حياة جديدة في الولايات المتحدة إلى الهرب شمالاً.
ورغم تعليق المنع بقرار قضائي والإبقاء على التعليق أمام محكمة الاستئناف، قال ترامب أنه يفكر في إصدار قرار جديد حول الهجرة.
معاناة الرحلة
وبين أوائل المهاجرين الذين فروا إلى كندا في أعقاب المرسوم الرئاسي، طفل يبلغ من العمر عامين رجا أمه أن تتركه ليموت في الثلج عندما لم يعد قادراً على المشي، وفقاً لتقارير إعلامية.
وحتى قبل قرار ترامب، فقد لاجئان أصابعهما بسبب التجمد خلال الرحلة ذاتها في كانون الأول/ديسمبر فيما تدنت الحرارة إلى 20 تحت الصفر.
ويقول واين بفيل الذي يعمل في فندق إيمرسن على بعد خطوات من الحدود إن اللاجئين غالباً ما يتوقفون في المكان للاستراحة وليستفسروا إذا كانوا قد وصلوا فعلاً إلى كندا، بعد قطع مسافة 12 كلم من الولايات المتحدة.
ويتصل آخرون بالشرطة لطلب المساعدة فيتم أخذهم إلى أقرب مركز حدودي حيث يمكنهم تقديم طلب لجوء.
وبحسب بول مانيغر الذي يعمل في الحرس الملكي لكندا، "يتصلون بنا عادة إذا كانوا ضائعين أو يشعرون بالبرد. ونجدهم بجانب الطريق السريع".
وتمنع اتفاقية بين واشنطن وأوتاوا اللاجئين من تقديم طلبات لجوء في كندا إذا وصلوا أولاً إلى الولايات المتحدة. إلا أن ذلك ينطبق فقط على الواصلين إلى نقاط التفتيش الحدودية أو المطارات ومحطات القطارات.
ومن ناحيتها، تحدثت المديرة التنفيذية لمجلس مانيتوبا للهجرة، في مقاطعة مانيتوبا في وسط كندا، ريتا شهال، عن "زيادة كبيرة في (أعداد) القادمين عبر الحدود".
"نشعر بالخوف"
ووفقاً لوكالة خدمات الحدود الكندية، تضاعفت تقريباً أعداد عابري الحدود في كل من السنوات الأربع الماضية لتبلغ 321 حالة في السنة المالية 2015-2016. وسجلت منذ شهر نيسان/أبريل 403 حالات.
ويشكل مواطنو جيبوتي وغانا ونيجيريا والصومال غالبية القادمين، بحسب شهال التي أشارت إلى الطرق الخطرة التي يسلكها هؤلاء حيث "يعبرون حقول المزارعين ويضيع العديد منهم."
وقالت شهال إن القادمين مؤخراً يرددون العبارات نفسها تقريباً: "+نشعر بالخوف مما يحصل في الولايات المتحدة، ولست أكيداً مما سيحدث في حال تمت إعادتي إلى بلدي+".
وعند سؤال ساماتار آدم من جيبوتي الذي وصل الشهر الماضي عن سبب عدم تقديمه طلب لجوء في الولايات المتحدة، أجاب بكلمتين: "دونالد ترامب".
ويقول هاني العبيدي من مركز لدعم المهاجرين في مدينة وينيبيغ في مانيتوبا "تؤسفني رؤية المهاجرين الذين لا يهربون فقط من بلدانهم، بل أيضاً من بلد آمن وديمقراطي مثل الولايات المتحدة".
ويضيف العبيدي وهو لاجئ عراقي "عليهم خوض رحلة أخرى محفوفة بالمخاطر للوصول إلى مكان آخر آمن – إلى كندا".
وخلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية، تلقت بريندا بييت المتطوعة كمنسقة في حالات الطوارئ في إيمرسن اتصالاً من حرس الحدود الذين طلبوا منها المساعدة في التعامل مع اللاجئين.
وتدبرت بييت أمر إطعام وإسكان أفراد المجموعة الذين كانوا يشعرون بالبرد والإرهاق.
وفي اليوم التالي، توجه اللاجئون على متن سيارة أجرة إلى وينيبيغ حيث ساعدتهم وكالات إغاثة في إيجاد مأوى ووفرت لهم استشارات قانونية.
"سر شمالاً"
وقال أحمد من الصومال إنه وجد في كندا ترحيباً أكثر دفئاً من ذاك الذي وجده في تكساس الأميركية عام 2014.
وروى في بهو فندق كئيب وسط المدينة حيث يتشارك غرفة صغيرة مع ثلاثة آخرين كيف تم تكبيله واعتقاله إلى حين النظر في طلبه للجوء في الولايات المتحدة.
أما في كندا، فحصل الواصلون الجدد على بطانيات وطعام ومسكن فيما يتم النظر في قضاياهم، بحسب اللاجئ الصومالي.
وروى أحمد للأميركيين أنه شهد مقتل والده على يد أفراد قبيلة مناوئة لهم في بلدته، وأنه خشي أن يكون التالي، كونه الابن البكر.
وعبر اللاجئ الذي ترك خلفه زوجته وأطفاله الثلاثة تسع دول قبل وصوله إلى الولايات المتحدة.
ورفضت لجنة أميركية طلبه إلا أنه تم الإفراج عنه فيما بقي قيد المراقبة وسمح له بالعمل كسائق شاحنة إلى حين ترتيب إجراءات ترحيله.
وبعد إعلان ترامب عن قراره حظر السفر، الذي يشمل المواطنين الصوماليين، قال أحمد أنه خاف من ترحيل وشيك، مضيفاً "قررت أن أجرب حظي في كندا لطلب الحماية، لأنه إذا تم ترحيلي إلى الصومال فسأقتل حتماً".
وأقلت حافلة أحمد إلى منيابوليس حيث التقى رجلاً أوصله إلى الحدود قائلاً له "سر شمالاً".
وأضاف "كانت ليلة باردة جداً جداً تجمدت يداي ولم أشعر بقدمي".