الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب يواصل تغريداته المثيرة للسخرية وقراراته الساخنة والمرعبة، التي يدوي صداها العالم بأسره، من قرار حظر مواطني سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة الأميركية، إلى ربط الإرهاب والتطرف كفكر بالإسلام كدين وعقيدة، إلى تهديده بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني.
ولم تسلم مواقع التواصل الاجتماعي من تغريداته ولا كلماته التي لا تليق برئيس بحجم الولايات المتحدة الأميركية، والتي كان آخرها تغريدة نشرها ترامب على صفحته الرسمية مفادها أن الكويت قررت حظر مواطني خمس دول إسلامية من دخول أراضيها، وكأن الرجل يقول للجميع: لست وحدي الذي أصدر ذلك القرار المفاجئ، فالمسلمون أنفسهم يتفقون معي فيما أرى وتلك الكويت خير مثال.
ورغم أن الخبر مجرد تكهنات قد تذهب بمصداقية البيت الأبيض، فلم يبالِ الرجل بذلك وواصل أسلوبه الشعبوي والغريب في بلد كان يعد الأكثر ديمقراطية في العالم.
كوميديا ترامب والبيت الأبيض تواصلت حين أغلق الرجل الهاتف في وجه رئيس الوزراء الأسترالي بعد مشاحنة غريبة بين الرجلين.
أما الإعلام الأميركي فله في نفس الرجل مكانة كبيرة، وله هو الآخر في نفس الإعلام الأميركي تلك المكانة وأكثر، فصحيفة تايمز الأميركية نشرت مؤخراً صورة غير لائقة لترامب تتهمه فيها بتقسيم أميركا إلى ولايات، وكانت قد وصفته في يوم انتخابه بسيسي أميركا؛ نظراً للقواسم المشتركة بين الرجلين في خطاباتهما وطريقة إدارتهما للبلدين، رد ترامب جاء من خلال تغريدة من تغريداته المثيرة وما أكثرها منذ ترشحه إلى يوم فوزه وتنصيبه، يطالب بشراء الصحيفة الأميركية من أجل ترشيد خطها التحريري في محاولة للسيطرة على الإعلام الأميركي.
ترامب يقسم الولايات المتحدة الأميركية إلى ولايات ومدن، ومظاهرات في شوارع الولايات الأميركية تتسع يوماً بعد يوم، مطالبة برحيله حتى وصل صداها إلى العاصمة البريطانية لندن، حين خرج الآلاف منددين بقرار ترامب حظر المسلمين من دخول الولايات المتحدة الأميركية.
أما العالم فيقف على قدم وساق مع كل قرار يتخذه الرجل المتهور، والخلاف يصل إلى تركيا وألمانيا، فالرئيس التركي أردوغان يرد بلهجة عنيفة على المستشارة الألمانية ميركل حين عقَّبت على وعد ترامب بمحاربة التطرف الإسلامي، ويقاطعها أردوغان مندداً بربط التطرف والعنف بالإسلام: أنا من بلد مسلم لا أقبل ربطي بالإرهاب، هكذا رد أردوغان على ميركل أولاً، والرسالة إلى البيت الأبيض علَّ ترامب يفهمها.
أشعلها ترامب وزاد فوزه الطين بلةً، ومن المتوقع أن يزداد العنف والتطرف بعد خطابات ترامب المتكررة، وتلك الأحداث الإرهابية ضد مسلمي كندا خير دليل، والتي لا تقل عن خطابات داعش وفكر القاعدة، والعالم يسير نحو الإرهاب والتطرف في ظل حكم ترامب وعصر منطق ترامب، ومن يشبهه من ساسة العالم، وما أكثرهم في دمشق وموسكو والقاهرة.
ليست المرة الأولى التي يربط فيها رئيس أميركي الإسلام بالإرهاب، فقد فعلها بوش من قبل إبان أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، وها هو ترامب يكررها، ولكن بطريقة شعبوية غوغائية وإرهابية.
وإذا كان هناك مَن يحرض على الإرهاب في العالم، فهو رئيس أكبر دولة في العالم من حيث القوة والنفوذ، إنه بخطاباته يحرض على الحرب العالمية التي لا تبقي ولا تذر، وبتغريداته يقسم دولته قبل أن يقسم العالم.
ترامب ثائر على كل مفاهيم الدولة والديمقراطية ويسير ببلده والعالم نحو الهاوية، وإذا أرادت أميركا اليوم إقناع العالم الإسلامي بأنها المكلفة الأولى بالحرب على الإرهاب والقضاء عليه، فعليها أن تبدأ من البيت الأبيض؛ لأن فيه إرهابياً لا يقل خطورة ولا تطرفاً ولا عنفاً عن غيره من المتشددين والإرهابيين.
إنه ماضٍ في إكمال مخططه الذي رسم له دون اكتراث لأي شيء، الحرب على ما يسمى التطرف الإسلامي وجمع المسلمين والإرهابيين في سلة واحدة، دون تفصيل، فالكل في جرم الإرهاب والتطرف سواسية، وعليهم لعنة ترامب وحربه هو ومن والاه، ويجب عليهم أن يذعنوا لقراراته، ودون اعتراض من أحد.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.