هل حقاً كان سيفشل الرئيس مرسي حتى وإن لم يحدث انقلاب؟

سؤال يدور بخُلد كثير من المتابعين للمشهد السياسي في مصر، منذ الوهلة الأولى التي بدأ نجم الحركة الإسلامية يبزغ في سماء الساحة السياسية المصرية.

عربي بوست
تم النشر: 2017/01/30 الساعة 03:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/01/30 الساعة 03:58 بتوقيت غرينتش

سؤال يدور بخُلد كثير من المتابعين للمشهد السياسي في مصر، منذ الوهلة الأولى التي بدأ نجم الحركة الإسلامية يبزغ في سماء الساحة السياسية المصرية.
ولكي نعرف الإجابة على هذا السؤال، يجب أولاً أن نلقي الضوء على بعض المقدمات والمعطيات، التي تُعتبر الإجابة على هذا السؤال نتيجةً حتمية لها.

أولاً: الملمح الديني كمقدمة أيديولوجية

جاء الرئيس محمد مرسي من صف جماعة دينية تَعتبر السياسة قضية إيمانية، وذلك بناءً على شمولية الدعوة التي أسَّس وأصَّل لها الأستاذ حسن البنا، ولكن البنا أكّد أن التغيير لمفاهيم المجتمع لا بد أن يكون من خلال ثلاث مراحل، لا يمكن أن ينجح أي تغيير بمن دونها هي: مرحلة التعريف، ومرحلة التكوين، ومرحلة التنفيذ التي ذكرها في رسالة التعاليم.

والمتابع لأداء الرئيس مرسي يجد إغفالاً لمرحلة التكوين، فهو اكتفى بالتعريف، ثم قفز إلى التنفيذ..

أسمع الآن بعضاً ممن يقرأُ مقالي يهمس في أذني قائلاً: أنت لم تفهم رسالة التعاليم؛ لأن البنا كان يتحدث عن ركن الطاعة، ولم يتحدث عن التغيير، وأقول له: اسمح لي أن أخبرك بأن الطاعة ما هي إلا تغيير، ولكن البعض أغلق عقله على المعنى الحرفي القريب لكلام البنا، ولم يدرك المقاصد الأخرى البعيدة من هذه المراحل الثلاث، وهل كانت طاعة صحابة الرسول لأمر الله بتحريم الخمر إلا تغييراً؟

ثانياً: الملمح السياسي

كان هناك فساد سياسي استشرى في جميع مفاصل الدولة، وتعالت صيحات الكثير من الأحزاب والقوى الثورية بضرورة التطهير من الجذور، ولكن الرئيس مرسي أغفل هذه الصيحات، واكتفى بتغيير على مستوى الإدارة أو القيادات العليا، ونسي -أو تناسى- أن ولاء من تركهم لن يكون أبداً إلا لمن عزلهم.

ثالثاً: الملمح المجتمعي

لم يكن مطلوباً من مرسي أن يكسب ودَّ المسيحيين أو العلمانيين أو الليبراليين، ولكن كان مطلوباً منه أن لا يدع الفرصة لأحد أن يحسبه على طائفة دون غيرها من طوائف المجتمع المصري؛ بل كان مطلوباً منه أن يطبق النموذج الذي طبَّقه النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة، عندما قال: إني أعطي أناساً وغيرهم أحبّ إليَّ، فهذه هي حكمة القائد، إذا أراد أن يؤسس لحكم قوي.

حكم الرئيس مرسي تحت الميكروسكوب السياسي:

وإذا أردنا أن نعرف إجابة السؤال، صُلب هذا الموضوع، فعلينا الأخذ في الاعتبار أننا في ظل التقدم والتطور، أصبح أيضاً حتمياً علينا مراعاة نظريات التغيير الحديثة، ومن خلال متابعتي للساحة الدولية، فإن أفضل النماذج المتبعة في التغيير هي نموذج أدكار "ADKAR"، وهي اختصار لخطوات التغيير الخمس التالية على الترتيب "Awareness" الوعي، "Desire" الرغبة، "Knowledge" المعرفة، "Ability" القدرة والتمكين، "Reinforcement" الدعم.

وكل مرحلة من هذه المراحل الخمس عليها نسبة 20٪ من نجاح نموذج التغيير، وبعملية حسابية بسيطة يتبين لنا أن الرئيس مرسي كنموذج تغيير، اعتمد على مرحلتين فقط، هما الوعي والدعم، ولم يستطِع أن يوفر باقي المراحل اللازمة لإتمام عملية التغيير بنجاح، إما تقصيراً منه، وإما قصوراً في حزبه.

وعليه.. فإن مرسي حصل فقط على 40% من النسبة اللازمة لنجاح نموذج التغيير المطروح من خلاله، وهذه النسبة على أقصى تقدير تجعله يقضي 40% من المدة التي خطط لها أن تكون فترة ولايته، وهذا يعني أنه وبدون انقلاب كان سيستمر لمدة عام وستة أشهر، قابلة للزيادة في حالة أعاد ترتيب أوراقه وتعامل مع المجتمع دون إغفال باقي مراحل التغيير وهي "الترغيب – المعرفة – التمكين – القدرة".

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد