التجربة التركية الناجحة ونقلها داخل مجتمعاتنا العربية

ترابط متميز بين الشعب وقيادته، وشعب إرادته أقوى من بنادق العساكر ودباباتها؛ ليسجل التاريخ أن أحد الرؤساء استنجد بشعبه قبل جيشه لينقذه، فلبَّوا النداء ونصروه، ولم ينادوا باسمه أو اسم زعيم؛ بل رددوا "باسم الله والله أكبر" وتلك دعوة الصادقين. هنا نتساءل: لماذا وقف الشعب التركي مع أردوغان؟ ماذا فعل لينصره شعبه في الوقت الذي يعاني فيه أكثر من بلد عربي من مطالبة بإسقاط النظام وانقلابات وتمرد على السلطة الحاكمة والحاكم؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/01/21 الساعة 01:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/01/21 الساعة 01:43 بتوقيت غرينتش

خلال السنوات الـ13 الأخيرة شهدت تركيا انتعاشاً ملحوظاً، وحققت نقلة نوعية في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، وهذا النجاح الكبير انعكس بوضوح على المواطنين الأتراك، فقد لمس المواطن التركي تغيراً كبيراً في حياته المعيشية.

وفي هذه النجاحات التركية لمع نجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ ليرتبط اسمه بالنهضة بعد نجاحه في قيادة المركبة التركية، رغم كل الصعوبات والتحديات التي واجهها ويواجهها داخلياً وخارجياً، فقد كان ذكياً في مواجهة الأزمات المشتعلة وإدارتها، سواء بالداخل أو على الحدود، ما أثمر في نهاية المطاف فشل الانقلاب.

محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز 2016 كانت حدثاً هاماً ونقطة يجب علينا جميعاً أن نقف عندها لنتعلم من تركيا قيادة وشعباً تخطّي الأزمات والتكاتف مع بعضنا البعض في مواجهة الصعاب.

ففي تركيا شهدنا أسرع انقلاب يتم إسقاطه في التاريخ، نعم هذا هو ما حصل في تركيا.. مكالمة سكايب كبَّدت المتآمرين المليارات، وأروع ما حدث هو دور المخابرات التركية والاستخبارات العسكرية والقوات الخاصة والبحرية، فقد كان دوراً وطنياً بامتياز، خاصة أن المعارضة للنظام الحاكم في تركيا والأحزاب المعارضة رفضت الانقلاب، وأن الجيش التركي رفض التبعية وارتأى أن ينحاز للديمقراطية والشعب، وتصدى الشعب التركي للانقلاب.. فإنجازات النظام الحاكم لعبت دوراً هاماً لاستجابة الشعب سريعاً لنداء الرئيس، فالشعب مثقف وواعٍ ويمتاز بالإرادة وتذوق لذَّة الحرية، ولن يستسلم، ولن يقبل بسيادة التبعية والعرفية.

ترابط متميز بين الشعب وقيادته، وشعب إرادته أقوى من بنادق العساكر ودباباتها؛ ليسجل التاريخ أن أحد الرؤساء استنجد بشعبه قبل جيشه لينقذه، فلبَّوا النداء ونصروه، ولم ينادوا باسمه أو اسم زعيم؛ بل رددوا "باسم الله والله أكبر" وتلك دعوة الصادقين.

هنا نتساءل: لماذا وقف الشعب التركي مع أردوغان؟ ماذا فعل لينصره شعبه في الوقت الذي يعاني فيه أكثر من بلد عربي من مطالبة بإسقاط النظام وانقلابات وتمرد على السلطة الحاكمة والحاكم؟

أردوغان في عشر سنوات استطاع أن يقدم لتركيا إنجازات كانت كفيلة بتحويل تركيا من دولة فقيرة ترضخ تحت وطأة الديون إلى واحدة من أقوى 11 دولة اقتصاداً في العالم، وهي فترة تعد قياسية.

أردوغان قفز ببلاده قفزة مذهلة من المركز الاقتصادي 111 إلى 16 بمعدل عشر درجات سنوياً، مما يعني دخوله إلى نادي مجموعة العشرين الأقوياء الكبار في العالم.

في عشر سنوات كان دخل الفرد في تركيا 3500 دولار سنوياً ارتفع عام 2013 إلى 11 ألف دولار، وهو أعلى من دخل المواطن الفرنسي.

أردوغان أعاد تدريس القرآن والحديث النبوي إلى المدارس التركية بعد تسعة عقود من الحكم العلماني، غير أن هناك الكثير من الأعمال على الصعيد التعليمي والعسكري والصناعي والتجاري والدولي.

فقد توجهت السياسة الخارجية لتركيا نحو علاقات أكثر توازناً مع دول العالم العربي الإسلامي، مستندة إلى قاعدة تنموية واقتصادية مستقلة وقوية، مما جعل منها بلداً حيوياً متحركاً، وبهذه الإنجازات الكبيرة كيف سينقلب الشعب على حكومة جلبت الرخاء لكل تركي، ففي تركيا كلمة الشعب تسمع، وفي غيرها من بلاد العرب تقمع.

وبفضل إنجازاته فاز أردوغان في استفتاء لقناة الجزيرة بشخيصة عام 2016، الذي شارك فيه أكثر من 100 ألف شخص، بعد أن حقق انتصاراً ونجاحاً لبلاده على جميع الأصعدة.

هنا يجب علينا نحن كعرب أن نتعلم من تجربة الشعب التركي -قيادة وشعباً- كي نستفيد منها، ونبحث عن سبل نقلها إلى مجتمعاتنا العربية، وتطبيقها فنحذو حذو الآخرين، بإقامة علاقة متينة مع الجارة المسلمة تركيا، فنتدارك أخطاءنا، وننهض ببلادنا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد