توكّلتُ على الأحلام

بقي مَن بقي، وهناك سلاح أخير لم نجربّه بعد، سلاح لجأت، وتلجأ إليه شعوب الأرض قاطبة حين تجد نفسها في ظروف صعبة كظروفنا وحالات مستعصية كحالاتنا: (أمدّ يدي، فتمد يدك ونتصافح)، فإمّا نضع حدّاً لما نحن فيه، ونفتح باباً جديداً للمستقبل، وإمّا نعود إلى الاقتتال، ومن ثمّ -بإذن الله تعالى- سيُكتب لنا الفناء.. "قادر يا كريم".

عربي بوست
تم النشر: 2017/01/09 الساعة 04:24 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/01/09 الساعة 04:24 بتوقيت غرينتش

لم نكن بأحسن حال، فتبادلنا الشتائم، ثمّ تراشقنا بكلّ ما وقع بين أيدينا من أشياء، توزّعنا أدوار الشياطين والملائكة ووضعنا الله بيننا وناله ما نالنا من شتائم وسباب.

أطلقنا الرصاص على بعضنا البعض، وأقمنا الكمائن وزرعنا المتفجّرات، فخّخنا السيّارات، حفرنا الأنفاق، طيّرنا الطائرات، اخترعنا وظائف جديدة للبراميل وأسطوانات الغاز، قصفنا المدن والحارات، قطعنا الرؤوس، اقتدينا بجدّة من جدّاتنا وبعد أن قلنا: "باسم الله" أكلنا القلوب والأكباد، رجعنا ألفاً وخمسمائة سنة إلى الوراء، ثمّ رفعنا راية "الله أكبر"، فصغرنا حتّى بتنا حثالة المجتمعات.

استعنّا بالأجنبي كما استعنّا بالله! وسّعنا السجون، كبّرنا البطون، وصار للحرب مجرمون ومثلهم أثرياء، مات مَن مات، فطس مَن فطس، جُرح مَن جُرح، استشهد مَن استشهد، وهناك شهداء أحياء، وأشلاء، ولاجئون نشمت بهم، ومخيّمات، ومراكب تغرق في عمق البحار، ولم نبخل بإطلاق النعوت والصّفات: "فطائس، مدعوسين، مفعوسين، مذبوحين، خنازير، شبّيحة، نبّيحة، خونة، مجرمين، معارضين، موالين، أسديين، سود، بيض، رماديين، كذلك صار عندنا أحزاب".

ضاق الوطن على الجميع حتّى بتنا إذا مددنا ذراعاً لنا دون انتباه فقأنا عين جارنا، أو ولدنا، أو شقيقٍ لم تلده أمّنا، وقلنا: أصيب بالرمد، أو اخترعنا كذبة وصدّقناها في الحال.

جرّبنا كلّ ما يخطر في البال من قبيح الأفعال، وصرنا مثالاً يدرّس عند باقي الأمم في: "الصمود، الثورة، سرقة الثورة، حرب الشوارع، الجيوش، الأحزاب، الفصائل المسلّحة، العفيشة، داعش، حالش، سلميّة، مسلّحة، حواجز، دفاع وطني، قوّات رديفة، قوّات صديقة، عصابات إجرامية مسلحة، صفويين، روافض، مدافع جهنّم والشيطان.. ولا عجب لو وُجدتْ مدافع للرحمن!".

بقي مَن بقي، وهناك سلاح أخير لم نجربّه بعد، سلاح لجأت، وتلجأ إليه شعوب الأرض قاطبة حين تجد نفسها في ظروف صعبة كظروفنا وحالات مستعصية كحالاتنا: (أمدّ يدي، فتمد يدك ونتصافح)، فإمّا نضع حدّاً لما نحن فيه، ونفتح باباً جديداً للمستقبل، وإمّا نعود إلى الاقتتال، ومن ثمّ -بإذن الله تعالى- سيُكتب لنا الفناء.. "قادر يا كريم".

* أتُساوي بين القاتل والقتيل؟
– نعم أفعل، وأتوكّل على الأحلام.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد