سوريا.. إلى أين؟

على كل فصيل يؤمن بالثورة تسليم أمره للقرار السياسي الشرعي في إطار المؤتمر الوطني المنشود المزمع عقده من جانب الوطنيين السوريين بكل أطيافهم من مدنيين وعسكريي "الجيش الحر".

عربي بوست
تم النشر: 2017/01/08 الساعة 02:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/01/08 الساعة 02:05 بتوقيت غرينتش

تفسيرنا لوقف إطلاق النار -إن تم التنفيذ- هو توقف كل من نظام الاستبداد والعدويْن المحتليْن، إيران وروسيا، والميليشيات الطائفية عن قصف وتقتيل وتدمير السوريين وبلادهم، وهو أمر مطلوب بإلحاح. أما التسرع الروسي بفرض تسوية سياسية مع فصائل مسلحة كانت إرهابية حتى الأمس القريب بنظر موسكو، وبتزكية وضمانة تركية بمعزل عن إرادة السوريين ومن دون متسع من الوقت لإجراء المراجعة وترتيب البيت الداخلي وإعادة إنتاج من يعبر شرعياً عن مطامح الشعب ومنتخَباً منه في الأطر المعروفة، وباستحضار الجانب المصري وقوى وعناصر قريبة من النظام -ففيه ما يثير الارتياب.

وعلى ما يبدو، فإن طغمة بوتين تستعجل الخطى، مستغلة الوقت الضائع الأميركي، وإخفاق المعارضة السورية، وغياب النظام العربي الرسمي؛ لتثبت أقدامها في سوريا المدمرة، التي لن تكون إلا مقبرة لجميع الغزاة، وعلى الأغلب فإن الطريقة الروسية هذه لن تحقق السلام في بلادنا.

* ما يجري في سوريا هو صراع سياسي بالأساس بين الشعب بأغلبيته الساحقة من أجل الحرية والكرامة والتغيير الديمقراطي في سوريا التعددية الجديدة من جهة، ونظام الاستبداد المتشبث بالسلطة من الجانب الآخر. أما ما بعد تطورات أكثر من 5 أعوام وظهور عوامل جديدة وتدخلات ميليشياوية مذهبية واحتلالات عسكرية أجنبية إيرانية وروسية لمصلحة النظام أدت إلى اختلال في موازين القوى وانحسار مجال الفصائل المسلحة المحسوبة على الثورة والمعارضة، فإنه من الخطورة بمكان معالجة التراجع الحاصل بالمنطق العسكري وتحت عنوان مزعوم باسم "الجيش الحر" بمعزل عن الجانب السياسي وبغفلة من الحراك الثوري والكتلة الوطنية المستقلة الغالبة، وبكلمة أوضح الاستمرار بالمنطق السابق في تنفيذ كل فصيل على حدة توجهات النظام الإقليمي الرسمي الداعم الذي أدى إلى الهزيمة العسكرية.

لذلك، على كل فصيل يؤمن بالثورة تسليم أمره للقرار السياسي الشرعي في إطار المؤتمر الوطني المنشود المزمع عقده من جانب الوطنيين السوريين بكل أطيافهم من مدنيين وعسكريي "الجيش الحر".

* بعد هزائم فصائل (الإسلام السياسي) العسكرية، بمختلف أسمائها وإماراتها ومرجعياتها الشرعية، في معظم المناطق السورية، ومن ضمنها جماعاتٌ مِن صنْع الإخوان المسلمين، الذين أبعدوا نشطاء "الجيش الحر" وفرضوا عليه الحصار المالي والسياسي، تعود هذه الفصائل الآن للتغطّي باسم "الجيش الحر"، الذي ما زال يحظى باحترام الوطنيين السوريين كأن شيئاً لم يكن، ومن دون أي مراجعة أو مصارحة أمام الشعب السوري الذي لن يأبه أبداً بكل هذه الأضاليل؛ بل ينتظر اجتماع كل من يؤمن بمواجهة الاستبداد واستمرارية النضال بكل الأشكال المتاحة في إطار المؤتمر الوطني الشامل لوضع البرنامج السياسي المتوافق عليه وانتخاب مجلس سياسي-عسكري لإدارة العمل الكفاحي المشترك.

* أمام التزاحم المنقطع النظير في صفوف "البازار" الروسي – التركي – الإيراني للحوار مع نظام الاستبداد الأسدي، الذي ما زال في نشوة انتصاره المزعوم في تدمير حلب وإبادة أهلها، فإن الأحزاب الكردية في المجلسين -وكما كنا نتوقع منذ 5 أعوام (ومن دون أن نظلم أحداً)- تتصدر صفوف التهافت، فجماعات "ب ك ك" نفذت شروط النظام حتى بتبديل شعاراته التي ضللت بها الناس أعواماً لتحظى بشرف المشاركة. أما جماعة المجلس، فهي ليست ضد الحوار مع النظام من حيث المبدأ ولم ترفضه؛ بل تبحث عن ظرف أفضل يؤهلها لتولي موقع تمثيلي ما، إضافة إلى انتظار مشاركة الائتلاف. أما مصالح الشعب السوري، ومن ضمنه مستقبل الكرد وحقوقه، فآخر ما تفكر فيها أحزاب المجلسين.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد