لم أكن يوماً من مؤيّدي حمل غصن زيتونٍ أمام طاغية، لا ولا بصرخات السِّلميّة التي كانت تعصف بالحناجر، لا ولا بالشعارات التي لا يمكن لطاغية ولا لداعميه أن يفقهوا تلكم الشعارات.
كيف لطاغيةٍ يحرق البشر قبل الشجر والحجر أن يعطف ويلطف بغصن زيتون؟.. كيف لطاغيةٍ اقتلع الحناجر من مكانها أن يُصغي لتلكم الحناجر؟.. كيف لطاغيةٍ لا يفقه سوى ثقافة الدم أن يُلبّي مُتطلبات شعارٍ لن يحسبه سوى أجوف بفكره الطاغي؟
لن نُسامح، لا والله لن نُسامح ولن ننسى أولئك الذين لم يَروا شكل الشمس منذ سنين طوال بزنزانات مغولية، أولئك الذين تم دفنهم وهُم أحياء؛ لأنهم لم يُعلوا هُبَل العصر، أولئك الذين ذَبحوا القطط والكلاب وأكلوا منها كي يسدّوا رمق جوعهم، أولئك الذين هُدّمتْ منازلهم فوق رؤوسهم وفوق أحلامهم وفوق ذكرياتهم وفوق إرث طفولتهم، أولئك الذين هُجّروا قسراً وتركوا خلفهم أضغاث حرمان ولم يأخذوا معهم سوى حقيبة صغيرة مليئة بخيباتٍ لا تُعد ولا تُحصى.
أولئك الذين شاهدوا شرفهم يُغتصب أمام أعينهم وهُم يعضّون على نواجذ أقل وصف يليق بها هو القهر والقهر والقهر، أولئك الذين التهمتهم حمم اللهب ولم يجدوا من أحد ليخمدها لكثرة الحرائق وقِلّة بياض القُبّعات التي أضحت سوداء من هول ما يحصل.
لن نسامح، لا والله لن نسامح ولن ننسى، كيف نسامح وننسى ما فعله أزلام الطاغية بالعذارى؟ كيف ننسى تنكيلهم بالأيامى؟ كيف ننسى شرف الحيارى؟
أنا لا أدري حقّاً أن الكثير من الشعوب العربية والغربية أطلقتْ لقبَ فرعون على بشار الأسد دون أن يعلموا أن هذا اللقب الذي ناله بشار هو مُجحفٌ بحق فرعون؛ لأن فرعون كان يحسب نفسه إلهاً بينما بشار هو مُجرّد عبد عند مَن يحسبون أنفسهم آلهة.
حلب.. يا وجعاً فوق وصف الوجع، يا أياماً كأنها القيامة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.