يا أهل “الائتلاف” من دون لف واستخفاف

وفي هذا المجال من الضرورة بمكان الإشارة إلى مجموعة أخرى انضمت إلى هؤلاء اللامنتمين للإخوان، واتخذت نفس المسار، إضافة إلى إعلانات وكتابات بهدف تنفيس الاحتقان والحفاظ على وضع الائتلاف القائم دون تبديل، تلك المجموعة التي أعلنت انشقاقها والتحاقها بصفوف المعارضة وافدة حديثاً من وسط النظام من مسؤولين حكوميين وحزبيين ودبلوماسيين وإعلاميين وفنانين

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/20 الساعة 02:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/20 الساعة 02:50 بتوقيت غرينتش

في التراجع المتواصل لدور الائتلاف في القضية السورية وتبخر كل ادعاءاته في تمثيل الشعب السوري وثورته بعد ارتباطه بالأجندة الإقليمية ومراكز الدعم المالي في النظام العربي الرسمي، وسكوته المريب عن تواصل تلك القوى الخارجية بشكل مباشر ومن وراء ظهره مع المجموعات والفصائل والشراذم المسلحة وغالبيتها (إسلامية)؛ حيث أظهرت تطورات أحداث حلب والرقة والباب كيف أن (المسلحين)، وبغض النظر عن ألوانهم وأطيافهم ومسمياتهم، هم مَن في موقع قرار السلم والحرب والتفاوض وليس الائتلاف، الذي يبدو أنه مثل الزوج المخدوع آخر مَن يعلم.

سقطة الائتلاف التي بدأت سبحاتها تكر كانت متوقعة منذ خروجه غير الشرعي من رحم المجلس الوطني السوري، بمعزل عن الانتفاضة الثورية التي سبقه بنحو عام أو أي تخويل منها، والذي بني على باطل بإرادة إقليمية معروفة في أوج هبوب رياح ثورات الربيع، التي أرادها الإخوان المسلمون السوريون وبدعم وإسناد نظامين إقليميين معنيين حتى الآن بالقضية السورية (أخونتها) ليس في الساحة السورية فحسب، بل على الصعيد العربي والإقليمي، وقد لاحظ الكثير من الوطنيين السوريين أن التسلط الإخواني هذا على مقدرات المعارضة كان بمثابة اغتيال الثورة وحرفها عن أهدافها في الحرية والكرامة والتغيير الديمقراطي، وباكورة هبوب رياح الثورة المضادة التي نشهد مخاطرها الآن.

مشكلة الائتلاف ليست في كونه خاتماً في إصبع الإخوان، ومنقاداً بشكل كامل من جانبهم فقط، بل في غير المنتمين إليهم تنظيمياً من الذين كانوا بالسابق (قوميين ويساريين وليبراليين)، ثم علقوا بشباكهم من خلال عهود وعقود، وتحت تأثيرات إغراءات المال ومواقع المسؤولية الشكلية والامتيازات، بما فيها الحصول على حقوق التجنس واللجوء السياسي والإنساني من بعض الدول، وبحسب نتائج تجارب الخمسة أعوام الماضية، فإن أغلب هؤلاء اللامنتمين تنظيمياً إلى الإخوان يخدمون مشروعهم بإتقان ودقة، ومن أكثر المسيئين إلى القضية السورية والعقبة الكأداء أمام محاولات الإصلاح والتغيير في جسم المعارضة، وقبل ذلك في مشاريع إعادة بناء الثورة، وهيكلة الجيش الحر، وإعادة الاعتبار إليه.

أكثر من ذلك هناك الشواهد والقرائن بالعشرات على قيام هؤلاء (اللامنتمين تنظيمياً إلى الإخوان) والمرتبطين بهم أداء وسلوكاً ومواقف بإجهاض الكثير من التوجهات الجادة في حل أزمة المعارضة، وخصوصاً الائتلاف وإعادته إلى الطريق الصحيح إلى كنف الثورة والالتزام بأهدافها ومبادئها، كما قدموا خدمات لبعض الوصوليين الجهلة لتبوؤ مراكز القرار وقطع الطريق على أي احتمال لنجاح إصلاحي حريص يسعى إلى معالجة الخلل، إضافة إلى أدائهم واجب التنظير للمواقف الخاطئة إن كان بخصوص الأمور الداخلية الوطنية، مثل القضية الكردية وغيرها، والموقف منها، أو الصراع مع النظام، أو مسألة الحوار والتفاوض والعلاقة مع المجتمع الدولي، وقضايا تسليح الجيش الحر، والتدخل الإنساني والمناطق الآمنة.

وفي هذا المجال من الضرورة بمكان الإشارة إلى مجموعة أخرى انضمت إلى هؤلاء اللامنتمين للإخوان، واتخذت نفس المسار، إضافة إلى إعلانات وكتابات بهدف تنفيس الاحتقان والحفاظ على وضع الائتلاف القائم دون تبديل، تلك المجموعة التي أعلنت انشقاقها والتحاقها بصفوف المعارضة وافدة حديثاً من وسط النظام من مسؤولين حكوميين وحزبيين ودبلوماسيين وإعلاميين وفنانين، والذين لاقوا الترحيب وفتحت أمامهم أبواب الائتلاف على مصراعيه، وعمد بعضهم إلى ركوب موجة منصات القاهرة وموسكو وحميميم ورميلان.

إن أكثر ما يخيف جميع تيارات ومراكز القوى في الائتلاف هو الدعوات الصادقة إلى المراجعة وممارسة النقد والنقد الذاتي من خلال مشروع (المؤتمر الوطني السوري) الجامع وضمن إطاره يسبقه التوافق على لجنة تحضيرية تمثل من حيث المبدأ غالبية المكونات والتيارات السياسية المدنية والعسكرية المؤمنة بالثورة والتغيير وسوريا التعددية التشاركية الديمقراطية الجديدة؛ لتقوم بواجب التنظيم والإشراف والخروج ببرنامج سياسي توافقي وانتخاب مجلس سياسي – عسكري لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل، بما في ذلك الأحداث المأساوية الراهنة من إنسانية وسياسية، والتحضير لمواكبة مرحلة تحرر وطني جديدة لطرد الغزاة الروس والإيرانيين وسائر الميليشيات المذهبية من أرض الوطن.

ما يسري على المجلس السوري والائتلاف من قراءة وتقييم يشمل الساحة الكردية السورية والمجلسين الكردي وغرب كردستان تلقائياً أيضاً، فأحزاب المجلسين من الموالية للنظام على صعيد الممارسة والموقف السياسي مثل جماعات "ب ك ك" أو السائرة في ركابه من دون إعلان والمفتقرة إلى مشروع قومي واضح وحاسم والعاجزة عن تفعيل وإيجاد البديل المناسب، مثل المجلس الوطني الكردي، الذي لن تشفع له بعد اليوم لا عضوية الائتلاف ولا ادعاء الغطاء القومي من إقليم كردستان العراق، والخيار الوحيد أمامه هو إعلان الفشل والرضوخ لإرادة الغالبية الكردية السورية من مستقلين وحراك شبابي ووطنيين ومنظمات مجتمع مدني، الساعية إلى إعادة بناء الحركة الوطنية الكردية السورية "بزاف" خلال المؤتمر الوطني العام.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد