يعيد مصير حلب التي باتت على وشك السقوط كلياً بأيدي النظام السوري، بعد معارك دامت أكثر من 4 سنوات، إلى الذاكرة مصير مدينتي سراييفو في البوسنة وغروزني بالشيشان اللتين كانتا أيضاً محاصرتين.
سراييفو
أوقع حصار قوات صرب البوسنة من أبريل/ نيسان 1992 إلى نوفمبر/تشرين الثاني 1995، أكثر من 10 آلاف قتيل، بينهم أكثر من 1600 طفل، وتبقى من أكثر الأحداث مأساوية في حرب البوسنة التي دارت بين الصرب والمسلمين والكروات.
وأثارت صور وشهادات سكان عاصمة أوروبية محاصَرة كانوا يقتلون برصاص قناصة أمام أعين الجنود الدوليين العاجزين عن حمايتهم، صدمة في العالم بأسره.
– 20 مايو/ أيار 1992: "نقل الجرحى إلى المستشفى ينطوي على مخاطر كبيرة؛ لأنه فور خروج شخص من مبنى يصبح هدفاً للقناصة والميليشيات المنتشرة أمام الحواجز التي تمنع الوصول إلى الحي" (…) "بعض الخطوط الهاتفية لا تزال تعمل في الحي وهي صلتنا الوحيدة مع العالم" (أستاذ جامعي اتصلت به وكالة الصحافة الفرنسية هاتفياً).
– 15 يوليو/ تموز 1992: عند قرابة الساعة 10.30 قرب جسر يعبر نهر ميلياكا، يرى الموفد الخاص لوكالة الصحافة الفرنسية فتى يتراوح عمره بين 8 و10 سنوات مُمَدّاً على الأرض على جانبه مع دماء تسيل من رأسه. لقد استهدفه قناص تمركزاً بمبنى أو في إحدى المنازل الصغيرة ذات الأسقف الحمراء على التلال القريبة.
– 22 يوليو 1993: أطلق صرب البوسنة أكثر من 3700 قذيفة على سراييفو وضواحيها، وفقاً لمراقبين من الأمم المتحدة؛ أي إحدى عمليات القصف الأكثر ضراوة منذ فرض الحصار على المدينة.
– 5 فبراير/ شباط 1994: تسقط قذيفة بسوق سراييفو المركزية وتتسبب في سقوط 68 قتيلاً. بعد يومين يشارك ادي فاغلر (65 عاماً) في جنازة صديقة، ويقول: "بالتأكيد، نتعرض للخطر لمجرد وجودنا هنا، لكن تخطينا مشاعر الخوف منذ زمن. علينا أن نحضر لأننا في كل الأحوال محكوم علينا بالموت، لكننا لا نعرف متى وأين سنقتل!".
وقبل يوم، قال محمد كوريتش (27 عاماً): "لا يمكننا البقاء في منازلنا؛ إننا بشر! نعلم أنها لن تكون المجزرة الأخيرة ونعلم أيضاً أن الأسرة الدولية بعد إدانات وخطابات رنانة لأيام ستنتقل إلى قضايا أخرى".
غروزني
تعرضت عاصمة الشيشان الجمهورية الصغيرة في القوقاز الروسي للدمار التام خلال شتاء 1999 – 2000؛ جراء عمليات القصف والغارات الروسية خلال معركة استعادة غروزني من الانفصاليين الشيشانيين.
واستمرت معركة غرزوني من 25 نوفمبر 1999 إلى السادس من فبراير 2000 التاريخ الذي رُفع فيه العلم الروسي في عاصمة الشيشان.
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2000، اعتبرت منظمة هيومان رايتس ووتش الأميركية غير الحكومية، أن الأسرة الدولية لم ترقَ إلى مستوى مسؤولياتها للرد على "المجازر في الشيشان".
في التاسع من يناير/ كانون الثاني 2000، روى سكان من المدينة لجأوا إلى جمهورية إنغوشيا الروسية كيف عاشوا الجحيم في أنقاض غروزني لصحفي من وكالة الصحافة الفرنسية.
– روزا موفلايفا (40 عاماً): "عشنا 3أشهر بقبو في البرد والظلام دون تدفئة ومياه ولم نجازف أبداً للخروج منه".
وأضافت: "الجثث بقيت ملقاة في الشارع لأيام وأحياناً لأسبوع، لم نتمكن من الخروج لدفنها بسبب نيران القناصة. وكان الجرحى يموتون أيضاً في الشارع لأن أحداً لم يتمكن من إسعافهم!". وتتذكر أن القصف كان متواصلاً مع توقف لمدة 10 إلى 15 دقيقة.
– علي مناييف (28 عاماً). "هناك جثث في كل مكان. بدأ السكان يأكلون الكلاب والقطط؛ عندما لا تريدون الموت جوعاً ليس لديكم أي خيار آخر!".
– عمر سعيد لاييف (42 عاماً). "دمرت كافة المباني تقريباً والمباني الأخرى تحترق". "كنا نستخدم الفرش والأغطية القذرة بالتناوب" (…) "لكن في جميع الأحوال لم يكن بإمكاننا النوم لشدة القصف".