“قانون الحشد” حماية قانونية لميليشيا طائفية

كان من المفترض أن يتم تطهير المؤسسة العسكرية العراقية والارتقاء بأدائها وفك الارتباط العقائدي عن هذه المؤسسة حماية لها، وذلك بدلاً من تشكيل كيان عسكري مسلح ذي ارتباطات عقائدية ومذهبية في بلد متنوع العقائد والمذاهب، مما يجعل انحياز هذا الكيان المتمثل بـ"الحشد الشعبي" إلى طائفته وأبناء مذهبه أمراً مفروغاً منه.

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/04 الساعة 05:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/04 الساعة 05:20 بتوقيت غرينتش

من المعلوم أن عشرات الميليشيات انضوت تحت مظلة "الحشد الشعبي" الذي تم تشكيله في منتصف 2014 استجابةً لفتوى المرجع الشيعي علي السيستاني في ظل ما يسمى "الجهاد الكفائي" تحت ذريعة قتال "داعش" وتحرير المدن العراقية الكبرى من سيطرتها.

ولو نقبنا في صفحات تاريخ أبرز الميليشيات التي انضوت تحت مظلة "الحشد الشعبي"، لوجدنا سجلاً حافلاً بالإجرام والقتل والتعذيب لأبناء الشعب العراقي؛ كميليشيا (بدر وجيش المهدي وعصائب أهل الحق وحركة حزب الله)، إضافة إلى الميليشيات التي تشكلت بعد اجتياح "داعش" للمدن السُّنّية والتي سطرت أيضاً سجلاً حافلاً بالجرائم التي ينْدى لها جبين الإنسانية.

كان من المفترض، عقلاً وقانوناً وعرفاً، محاسبة هذه الميليشيات التي بلغ عددها أكثر من (56) ميليشيا، على جرائمها بحق الشعب العراقي عموماً وبحق المكون السني على وجه الخصوص، حيث تنوعت هذه الجرائم بين القتل والتغييب القسري وهدم القرى والمدن والمساجد وحرق المزارع والبساتين والتهجير والاغتصاب بهدف إحداث تغيير ديموغرافي يعيد رسم خارطة المحافظات العراقية بما يخدم مشروع الجهات التي تقف خلف هذه الميليشيات وتمولها وتوجهها وتدربها، وهي الدولة المستفيدة من هذه الفوضى الكبيرة في العراق، ألا وهي إيران.

ولكن، بدلاً من الملاحقة القانونية لـ"الحشد الشعبي" والميليشيات المنضوية تحته، جاء قانون الحشد الشعبي الذي شرّعه مجلس النواب بتاريخ 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2016؛ ليعطي لهذه الميليشيات الصفة الرسمية وليُوجِد حالةً من الحماية اللاأخلاقية لها.

كان من المفترض أن يتم تطهير المؤسسة العسكرية العراقية والارتقاء بأدائها وفك الارتباط العقائدي عن هذه المؤسسة حماية لها، وذلك بدلاً من تشكيل كيان عسكري مسلح ذي ارتباطات عقائدية ومذهبية في بلد متنوع العقائد والمذاهب، مما يجعل انحياز هذا الكيان المتمثل بـ"الحشد الشعبي" إلى طائفته وأبناء مذهبه أمراً مفروغاً منه.

ثم إنه من غير المنطقي إضفاء صفة الدوام على "الحشد الشعبي" الذي تم تشكيله تحت ذريعة تحرير المدن من سيطرة "داعش"، فكان من المفترض تسريح هذا الحشد وتفكيكه بعد الانتهاء من تحرير الموصل لانتفاء الحاجة له.

لذلك، نرى استعجال الساسة الشيعة في الضغط على مجلس النواب لإتمام التصويت على هذا القانون ومعركة الموصل تقترب من طي صفحاتها الأخيرة.

ولكن الأحزاب الشيعية الكبرى اتجهت إلى تشريع هذا القانون بأسرع وقت؛ خوفاً من ذهاب نفوذها الى "الحشد الشعبي" بعد الأخبار التي تم تناقلها حول نية الأخير دخول الانتخابات المقبلة من خلال قائمة تمثّله.

فكان القانون انتصاراً للأحزاب الشيعية وخسارة للمكون السني والأحزاب التي تمثله في العملية السياسية والتي باتت تمثل الحلقة الأضعف في المؤسسات الحكومية.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد