سيادة القانون والعنف في الجامعة الأردنية

أحداث الجامعة الأردنية اليوم مُحبطة جداً، ولا يوجد أي وصف -ليس بالغ السوء- يمكن وصفها به؛ فدخول أكثر من ١٥٠ شخصاً إلى الحرم الجامعي وترويع آلاف الطلاب والاعتداء على أشخاص بعينهم هو فعل إرهابي يجب أن تُعالج جذوره كاملة ولا يُكتفى بعلاج العرض الذي ظهر لنا اليوم على أيدي هؤلاء المجرمين.

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/24 الساعة 11:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/24 الساعة 11:59 بتوقيت غرينتش

أحداث الجامعة الأردنية اليوم مُحبطة جداً، ولا يوجد أي وصف -ليس بالغ السوء- يمكن وصفها به؛ فدخول أكثر من ١٥٠ شخصاً إلى الحرم الجامعي وترويع آلاف الطلاب والاعتداء على أشخاص بعينهم هو فعل إرهابي يجب أن تُعالج جذوره كاملة ولا يُكتفى بعلاج العرض الذي ظهر لنا اليوم على أيدي هؤلاء المجرمين.

إن هذا الحدث الإرهابي، وغيره، يضعنا في مواجهة أحد أهم مبادئ الدولة المدنية والمجتمعات الحضارية؛ إنه مبدأ #سيادة_القانون.
سيادة القانون هي السبيل لمجتمع يحمي بعضه بعضا ولا يعتدي أفراده بعضهم على بعض. والمسؤول الأول عن سيادة القانون السلطتان التشريعية والتنفيذية المُسَيِّرتين لشؤون الدولة.

وفي ظل سلطة تنفيذية غير شعبية لا تجيد المعالجة الحضارية للمشكلات اليومية أو الطارئة التي تنخر بجسد المجتمع الأردني، فهي إما أن تقمع وتبطش وإما أن تُهمل ولا تبالي، تحيد عن ممارسة دورها في دراسة المشكلات من جذورها وإعداد خطط تنفيذية متسلسلة للقضاء عليها، وتكتفي بمعالجة طارئة سطحية لعوارض المشكلات "إن فعلت ذلك"؛ بل هي لا تمارس دورها الأهم من بناء منظومة متكاملة تُشعر المواطن بأنه يعيش كجزء من هذه المنظومة، وأي خروج عنها يعني تعطل شؤونه بالكامل، فلا يتمكن بذلك من خرق جزء منها أو التلاعب بجزء آخر من خلال الخروج عن القانون أو من خلال استعانته بالواسطة والمحسوبية التي تضمن له خرقاً آمناً للقوانين والنظام.

إن مثل هذا النظام الإداري التنفيذي لا يمكنه أن يحقق ولا حتى الحد الأدنى من النجاح في إدارة شؤون المجتمع، ولن يتمكن سوى من تسيير الأمور وتسكين آلام الجراح التي طال نزيفها في جسد المجتمع والدولة دون علاج حقيقي يضمن شفاء هذه الجراح. وبالطبع، كيف لنظام أن يسهم في فرض سيادة القانون كمنظومة مجتمعية محفزة ورادعة إذا كان هو أصلاً لا يجيد العمل من خلال النظام المتكامل ويعيش بجسد ممتلئ بندوب الواسطة والمحسوبية التي تقتات على نخر سيادة القانون.

وكذلك، فإن سيادة القانون بحاجة إلى مجلس تشريعي وممثل حقيقي للأمة، يجيد على الأقل حماية ذاته من تلاعب النظام المتكرر به ويملك أعضاؤه القدرة على فهم وممارسة دورهم الحقيقي واستيعاب حجم الأمانة العظيمة المُلقاة على عاتقهم من خلال أصوات الأمة ومن خلال الدستور، فمهمتهم هي فرض سيادة القانون على الحكومة أولاً وآخراً، وردع أي تجاوز حكومي للقانون والدستور، وتشريع الأنظمة التي تعزز سيادة القانون على الفرد، وبناء ثقافة مجتمعية تجعل أفراد المجتمع يشعرون بأن السبيل الوحيد للعيش في مجتمع نافع وغير متعطّل هو احترام القانون وتقبّل سيادته وعدم خرقه، ليس خوفاً من أي عقاب؛ بل حرصاً على السبيل الوحيد الضامن لمسير هذا المركب دون غرق.

وشخصياً، لن أتوقع كل ما سبق إلا حين يبدأ أعضاء البرلمان بالانقياد لسيادة القانون بأنفسهم أولا، وذلك لن يكون سوى إن كان وصولهم لمقاعد المجلس من خلال عرضهم برامج انتخابية ويفوزون بأصوات الناخبين بناء على إقناعهم بهذه البرامج، وليس الوصول لمقاعدهم من خلال أصوات أبناء العم والعشيرة والحزب والتوجه فيما أعتبره أولى خطوات الخروج عن القانون.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد