نصف دقيقة لخّص فيها النمر قصة سوريا الأسد

في آخر ظهور لهذا العقيد في فيديو تداوله روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر وهو ينهي أحد خطاباته الهزلية؛ ليهتف بعدها "رجال النمر" بالهتاف المعتاد عند كل أتباع النظام السوري، وهو: "بالروح بالدم نفديك يا بشار"، وكان ذلك بحضور إعلامي النظام الشهير "شادي حلوة".

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/23 الساعة 02:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/23 الساعة 02:53 بتوقيت غرينتش

"النمر" هنا هو سهيل الحسن، العقيد في المخابرات الجوية، ولقبه هذا هو نسبة إلى الحيوان الثاني في الغابة، الذي يأتي بعد "الأسد"، ملك الغابة؛ حيث لا يوجد في سوريا إلا أسد واحد، وبه سُميت مملكته باسم "سوريا الأسد".

أما عن هذا العقيد سهيل الحسن، فقد عملت الماكينة الإعلامية للنظام على إظهاره بمظهر الجنرال الذي لم يهزم في أي معركة قادها، وقد أصبح له تابعون يلقبون بـ"رجال النمر"، على غرار "رجال الأسد".

وفي آخر ظهور لهذا العقيد في فيديو تداوله روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر وهو ينهي أحد خطاباته الهزلية؛ ليهتف بعدها "رجال النمر" بالهتاف المعتاد عند كل أتباع النظام السوري، وهو: "بالروح بالدم نفديك يا بشار"، وكان ذلك بحضور إعلامي النظام الشهير "شادي حلوة".

وكإعلامي، فإن شادي حلوة يتلقى تعليمات من وزارة الإعلام، التي بدورها تتلقى تعليمات من مكتب بشار الأسد نفسه, وقد لوحظ منذ السنة الثانية للثورة تغير الهتاف الذي اعتاد عليه السوريون لأربعة عقوداً مضت من "بالروح بالدم نفديك يا بشار"، وسبقه: "بالروح بالدم نفديك يا حافظ"، لوحظ تغييره إلى: "بالروح بالدم نفديكِ سوريا".

وكان هذا الهتاف الجديد عُمّم على الجميع، من موظفين ومؤيدين وشبيحة وحتى الجيش النظامي؛ ليصبح هو الهتاف الأصل، مع وجود تجاوزات محدودة للهتاف القديم: "نفديك يا بشار".

قد يكون الغرض من ذلك ليكون الهتاف مقبولاً دولياً، وإبعاد الشخصنة عن شخص بشار الأسد، وبالتالي مقولة: "الثورة السورية ضدّ بشار الأسد".

وفي هذه الدقيقة من الفيديو التي ظهر فيها "شادي حلوة" إلى جانب العقيد "النمر" يحمل ميكروفون التلفزيون السوري الرسمي، وسط هتاف رجال النمر بهتاف: "بالروح بالدم نفديك يا بشار"، فقد اتّبع المراسل شادي تلك التعليمات وهتف بالهتاف الجديد: "نفديك سوريا"، وحاول أن يدفع بقية الهاتفين ليتبعوه؛ كونه ينقل هذا الخطاب والمشهد للإعلام، وكررها في الأذن اليمنى للعقيد النمر، بهدف تذكيره بالأوامر التي يعرفها النمر مسبقاً، ما أثار غضب النمر الذي ضربه على يده التي يحمل بها ميكروفون الإخبارية السورية، ووبّخه قائلاً: "سوريا هي بشار الأسد ولاك"، ثم أتبع نهره له بقوله: "روح عند معلمينك"، ويقصد بـ"معلمينك" هنا أن الإعلام السوري الذي حوّل الحقيقة التي هي "نفديك يا بشار" وجعلها "نفديك سوريا"، ولسان حال العقيد النمر يقول: "جميعنا يعرف أننا نقاتل فداء للأسد فقط ولا شيء آخر، فسوريا بالنسبة لنا تعني بشار الأسد فقط".

"روح عند معلمينك قلّن" والمراسل "شادي حلوة" لم يسأله من هم هؤلاء المعلمون كونه فهم، فقط أطرق رأسه نحو الأرض مرعوباً، وقال له: "أمرك سيدي"، ورجع يهتف: "بالروح بالدم نفديك يا بشار".

تلك كانت نصف دقيقة تظهر لنا كيف يتصرف الشبيحة الطائفيون مع أشد المؤيدين لهم من باقي الطوائف الأخرى عندما يجتمعون في أي مكان، فيظن المؤيد من باقي الطوائف أنه يماثلهم ويتمسح بهم؛ لينتهي به المطاف موبّخاً ومطروداً "عند معلمينه" فهم ليسوا إلا أتباعاً لآخرين ومشكوكاً بولائهم للقائد حتى ولو كانوا ضباطاً في الجيش أو شبيحة متطوعين أو حتى أشد الإعلاميين تأييداً وتشبيحاً للأسد, يبقون في نظرهم مواطن درجة ثانية ينقصه "النسب الأسدي"، الذي ينتمي بالدماء للأسد نفسه، ويريدون تشويه الحقائق وتضييع الدماء التي سالت من الجيش والشبيحة من أجل بقاء الرئيس الأسد بشخصه لا من أجل سوريا "التي ذكرها شادي حلوة دون لقب"، بل من أجل "سوريا الأسد"، فتلك كانت بحق نصف دقيقة اختصرت قصة سوريا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد