تنشر اليوم لجنة الصحة العقلية المستقلة بمعهد سياسة التعليم تقريرها النهائي، وهو ثمرة عام من الأبحاث التي جرت لفهم واستكشاف التطور والتحديات المتعلقة بالاهتمام بالصحة العقلية للأطفال والشباب.
يعاني طفل من كل 10 أطفال ما بين عمر 5 و16 من مشكلة متعلقة بالصحة العقلية، وهو ما يساوي 3 أطفال في كل فصل دراسي، وبالرغم من هذا فلطالما تم تجاهل الصحة العقلية للأطفال من قبل النظام الصحي البريطاني؛ إذ تلقى 0.7% فقط من ميزانية القطاع الصحي البريطاني، أو حوالي 6% من إجمالي الإنفاق على الصحة العقلية.
وجدت لجنة الصحة العقلية أن الخدمات تُعرِض عن 23%، أو حوالي 2 من كل أربعة أطفال أو شباب يتم تحويلهم إليها للعلاج عبر مدرسيهم أو عبر الأطباء، كما استخدمت نظام اليانصيب البريدي البريطاني لتحديد أوقات الانتظار، ووجدت تبايناً كبيراً في متوسط أوقات الانتظار بالنسبة لمقدمي الرعاية المختلفين، والتي تراوحت ما بين أسبوعين في شيشاير إلى 19 أسبوعاً في شمال ستافوردشاير، كان متوسط الانتظار لتلقي العلاج شهرين، إلا أن هذا يخفي فترات انتظار تصل إلى عشرة أشهر أو أكثر.
في مارس/آذار، نشرت الحكومة البريطانية استراتيجية استهدفت تطوير خدمات الصحة العقلية للأطفال مع استثمارات بلغت قيمتها 1.25 مليار جنيه استرليني على مدار خمسة أعوام مقبلة، حلل معهد سياسة التعليم مدى التقدم في تطبيق هذه الاستراتيجية منذ ذلك الحين، طُلب من كل منطقة تقديم "خطة محلية للتطوير" كشرط لتلقي نصيبها من التمويل، وجد تحليل هذه الخطط تباينات هائلة في جودة الخطط المقدمة في المناطق المحلية، من ضمن 121 خطة منشورة، امتلكت 18 منطقة فقط (15%) خططاً "جيدة"، بينما احتاجت 58 خطة (48%) "للتحسين"، واحتاجت 45 خطة أخرى (37%) للتحسين الشديد.
كما حدد المعهد أيضاً العوائق البارزة أمام تطبيق هذه الاستراتيجية، على سبيل المثال، يعاني مقدمو الخدمات من صعوبات في تعيين موظفين لشغل الوظائف الأساسية.
وذكرت 8 من أصل 10 مؤسسات جرى سؤالها، أي 83% ممن استجابت لطلب المعلومات الذي أرسله معهد سياسة التعليم، أنها قد عانت من صعوبات في عمليات التوظيف، كما اضطرت للإعلان عن الوظائف الشاغرة مرات متعددة. كان ممرضو الصحة العقلية هم أصعب الوظائف، وجاء بعدهم استشاريو الصحة النفسية، أدت هذه العقبات إلى زيادة قدرها 82% في الإنفاق على العمالة المؤقتة خلال العامين الماضيين.
في 2015 – 2016، أُنفق حوالي 50 مليون جنيه استرليني على وكالات التوظيف على يد 32 مؤسسة، مقارنة بحوالي 27 مليون جنيه إسترليني في 2013 – 2014.
كما أن الاستثمارات لم تصل جميعها إلى الخطوط الأمامية للخدمات، أُنفق 143 مليوناً فقط من الاستثمارات المتوقعة والتي بلغت 250 مليوناً في العام الأول، من ضمنهم 75 مليون جنيه إسترليني تم توزيعها على مجموعات التكليف السريرية (القادة الصحيون المحليون)، لم يتضح بعد قدر ما أُنفق من هذا المبلغ على الخدمات الأمامية المباشرة، إلا أن التقارير تفيد بأن معظم مقدمي خدمات الصحة العقلية أشاروا إلى أنهم لم يروا هذه الزيادة في الاستثمار.
بالنسبة لعام 2016 – 2017، خُصص 119 مليون جنيه إسترليني لمجموعات التكليف السريرية، إلا أن هذا المبلغ ضُمِّن داخل ميزانياتهم العامة؛ لذا فهناك خطر من إنفاقه على أولويات أخرى.
من الضروري أيضاً الانتباه إلى هذا الاستثمار الإضافي ضمن سياقه الأوسع والمتمثل في تمويل النظام بأكمله، سيؤثر خفض نفقات السلطة المحلية لخدمات التدخل المبكر على الصحة العقلية للأطفال والشباب؛ إذ إن خدمات القطاع الصحي المتخصصة هي جزء من النظام الأوسع، الذي يضم دعم السلطة المحلية لتمويل التدخل المبكر. حين تُوقف تلك الخدمات، تزداد الإحالات إلى الخدمات المتخصصة، ووجدت لجنة جودة الرعاية أن خفض التمويل، بما فيه الخاص بالخدمات غير التابعة للقطاع الصحي الوطني، قد أسهم في زيادة فترات الانتظار.
لذا دعت اللجنة إلى أن يكون تحدي رئيسة الوزراء الجديدة متعلقاً بالصحة العقلية للأطفال والشباب، وبناء على ما جرى في تحدي الخرف الذي قاده ديفيد كاميرون، فسيشمل هذا التحدي البحث والوقاية والتدخل المبكر وزيادة فرص الوصول إلى الخدمات عالية الجودة.
كما تضمنت توصيات اللجنة، فيما يخص البحث والوقاية، إنشاء معهد جديد للأبحاث لتمويل الأبحاث التي تستهدف فهم الصحة العقلية، كما دعت إلى وضع استراتيجية لتمكين الشباب من عيش حياة رقمية آمنة.
أما بالنسبة للتدخل المبكر، توصي اللجنة بتطبيق برنامج قومي للرفاه والصحة العقلية داخل المدارس. ويتضمن هذا تدريب المدرسين، بالإضافة إلى وجود الصحة العقلية ضمن المناهج الدراسية، كجزء من دروس التعليم الذاتي الاجتماعي الصحي.
ولزيادة فرص الحصول على رعاية عالية الجودة، تحث اللجنة الحكومة على إيقاف تمويل المناطق التي لا يمكنها إثبات وجود خطط قوية لديها لتحسين الخدمات، سيكون عليهم توفير دليل على استثمارهم للتمويل الزائد فيما يخص الصحة العقلية للأطفال، لا في تعويض تخفيض النفقات في أماكن أخرى، كما تدعو اللجنة إلى تحديد وقت قياسي للانتظار على مستوى الدولة، لا ينبغي لأحد أن ينتظر ما يزيد على 8 أسابيع للحصول على العلاج.
يمكن للمشكلات العقلية أن تترك أثراً بالغاً على فرص حياة الشباب، وإذ يمكنها إيقاف مسارهم التعليمي، كما تزيد من خطورة تعرضهم لاعتلال الصحة أو البطالة كبالغين.
وأشادت بوضع الحكومة على أولوياتها تحسين فرص الحصول على الرعاية، وتهدف توصيات اللجنة إلى التأكد من بقاء هذه القضية على رأس سياسات الحكومة في الخمس سنوات القادمة وما يليها.
هذا الموضوع مترجم عن النسخة البريطانية لـ"هافينغتون بوست"، للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.