لغة الجسد والاندماج

برامج الاندماج التي وضعتها الدول الأوروبية على الرغم من كثرتها وتنوع أساليبها، فإنها بقيت تعاني في جوانب معينة من تحقيق الأهداف المطلوبة، فلا يكفي تعليم اللغة، ولا محاضرات روتينية عن المجتمع السويدي، ولا المؤتمرات المتخصصة لهذا الموضوع.

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/10 الساعة 02:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/10 الساعة 02:27 بتوقيت غرينتش

يعتبر الاندماج الشغل الشاغل والهاجس اليومي للدولة السويدية، التي استقبلت المهاجرين من مختلف بقاع الأرض، ومع هؤلاء المهاجرين كانت تنتقل ثقافات وعادات وتقاليد شكّلت بشكل أو بآخر صدمة للمجتمع السويدي، وغالباً أزمات.

ولعّل برامج الاندماج التي وضعتها الدول الأوروبية على الرغم من كثرتها وتنوع أساليبها، فإنها بقيت تعاني في جوانب معينة من تحقيق الأهداف المطلوبة، فلا يكفي تعليم اللغة، ولا محاضرات روتينية عن المجتمع السويدي، ولا المؤتمرات المتخصصة لهذا الموضوع.

أعتقد أن تجاهل دور الثقافة والإعلام في التأثير على المجتمعات كان خطأ كبيراً أعطى نتائج سلبية، مما أدى للعودة لإشراك المثقفين والصحفيين في تفعيل حالة الاندماج بالمجتمع، وتصحيح الخطأ الذي كان واضحاً، لدرجة أن مجتمعات المهاجرين بقيت مغلقة بلا رسالة إعلامية وثقافية صحيحة تصل إليها، وسيطرت مواقع التواصل الاجتماعي على اهتمامات المهاجرين، وأصبحت مصدرها الوحيد للأخبار، مما عكس نتائج سلبية شاهدنا آثارها في الفترة الأخيرة.

المطلوب الآن دعم وسائل إعلامية "صحف – إذاعات – تلفزيون – إنترنت" بلغات مختلفة، وتفعيل النشاطات الثقافية والأدبية والفنية التي تتوجه لمجتمعات المهاجرين وللمجتمع السويدي أيضاً الذي يتوجب عليه أن يتعرف أكثر وأكثر على ثقافة وعادات وتقاليد المهاجرين، من خلال أعمال فنية وثقافية راقية تقدم الصورة الصحيحة عن البلاد التي جاء منها المهاجرون.

بالمقابل، فإن على المهاجرين دوراً كبيراً أيضاً في تحسين هذه الصورة الضبابية لدى المجتمع السويدي، فمن الخطأ الحديث عن التأقلم والاندماج لمجرد أن المهاجر قد تعرف على العادات والتقاليد والقوانين في السويد، وأن هذا يكفيه ليكون جزءاً في المجتمع السويدي.. هذا خطأ كبير.

أعتقد أن الأهم هو تغيير العقلية وليس تغيير التصرفات اليومية فقط، فعلى سبيل المثال تعتبر لغة الجسد لدى المهاجرين القادمين من الشرق جزءاً لا يتجزأ من شخصية المتحدث؛ لذا نجد أن استخدام حركات الأيدي وملامح الوجه المتغيرة ونبرة الصوت العالية إلى حد ما، بعكس السويدي الذي لا يحتاج للغة الجسد ولا لهذه الملامح الغاضبة، مما قد يؤدي لمشكلة في سوء الفهم والتفاهم بين الطرفين.

هذا مثال بسيط قد لا يكون لافتاً للنظر، لكنه للأسف يخلق الكثير من المشكلات، خصوصاً عندما تضاف له المعرفة القليلة باللغة الجديدة؛ لذا فإن تغيير العقلية لا يعني بالضرورة أن ينسف المهاجر عاداته وتقاليده، لكن هذا يجعله أكثر قرباً من مجتمع اختار أن يكمل ما تبقّى من حياته فيه.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد