تواجه الشباب السوري معوقات كثيرة، وتكاد أن تكون عقبات مانعة من تقدمه نحو الأفضل، سواء في بلاد اللجوء أو حتى في سوريا نفسها.
إذ يعاني الشاب الموجود في تركيا من مشاكل غلاء المعيشة، وعدم وجود أي دخل أو مردود يعينه ليكمل طريقه إلى النجاح، فهو يعمل لساعات طويلة ومتعبة يقضيها في المعامل والمخازن وأعمال البناء، وغيرها من الأعمال التي تحتاج لمجهود جسدي جبار يتحمل قسوة هذا العمل، وبرواتب زهيدة لا تؤمِّن له سوى طعامه وشرابه ومسكنه، وإن بقي له فبقايا من قطع نقدية حديدية، واضطر عدد كبير من الشباب الجامعيين للجوء إلى هذه الأعمال؛ لعدم وجود فرص أخرى تتيح لهم العمل في مجالهم.
كانت هذه الأعمال مدمرة لقدرات عدد من الشباب ومواهبهم، فهي قتلت جسدهم وعقلهم، إضافة إلى وقتهم، ليعود الشاب لا ينظر عن يمينه ولا شماله، لأن أنظاره وعقله متوجهان إلى سريره، ليأخذ قسطاً من الراحة ويعود لعمله مجدد في صباح اليوم التالي.
وتواجه الشباب أيضاً مشاكل السكن، إذ يعتمد 80% من الشباب السوريين على ما يعرف بـ (السكن الشبابي) والذي يجمع عدداً من الشبان في منزل واحد، من مناطق مختلفة وجنسيات متعددة، وذلك بسبب السعر الرخيص الذي لا يتجاوز
الـ100$ في كثير من الأحيان، فهذه المشكلة تعيقه من أن يتقدم في مسيرته نحو النجاح، لعدم توفر البيئة المناسبة للإبداع، خاصة إن كان شاباً مخبرياً أو من الشباب العاملين في مجال هندسة الصوت والمونتاج، أو حتى الغناء والشعر.
إضافة لإحدى أهم المشاكل وهي عدم تبني هذه المواهب والخبرات من أي الجهات الموجودة في بلد المهجر تركيا، لا من الجهات السورية المسؤولة، ولا من الجهات التركية المسؤولة عن نجاحات الشباب، فهي لا تستطيع أن تقدم أبسط الحاجات اللازمة لهم، حتى أنهم لا يستطيعون تبني هذه المواهب التي تضيع سدى فلا أحد يكترث لوجودها مع أنها تتبخر مع مرور الزمن إذا لم يتم العمل عليها.
انتقالاً للداخل السوري، فالمشاكل لا تكاد تعد أو تحصى، فهي تحيط بالشباب من كل حدب وصوب، ففي المناطق المحررة تنعدم أقل سبل الحياة، لا ماء لا كهرباء، الافتقار للمواد الأولية في كثير من المجالات، كالكهرباء في مجالات الطاقة والكهرباء والأدوات الإلكترونية، وانعدام المواد الأولية لكثير من المجالات مثل المجالات الطبية، ومجالات المخابر، ومجالات الأبحاث العلمية.
وتواجه الشباب الموجود بتلك المناطق مشاكل القصف الدائم، والاشتباكات التي لا تتوقف في كثير من الأحيان، وفي بعض المناطق يكون الشاب مجبراً على أن يبايع فصيلاً ما وينضوي تحت حمايته، كي لا يتم الاعتداء عليه من أي الفصائل الأخرى العاملة في المنطقة.
أما بالانتقال لمناطق سيطرة النظام، فالمشاكل تزيد بشكل ملحوظ، بسبب تقييد كثير من الأمور وانقطاع الكهرباء المتواصل، إضافة إلى الخوف الدائم بسبب شبح الاعتقال الذي يلاحق كثير من الشباب إما لأسباب أمنية، أو سوقهم للخدمة الإلزامية، والتي تجعل من الجلوس في دمشق كابوساً جعل الشباب الدمشقيين يكرهون المكوث في مناطق سيطرة النظام مما دفعهم للهجرة.
من إحدى المشاكل التي تقف عقبة في وجه المصورين، إذ تطلب منهم الجهات الأمنية إذن للتصوير، ويتم اعتقاله على خلفية عدم وجود إذن، ويتم التقديم على الإذن عن طريق فرع الأمن السياسي في دمشق، وبعدها يوقع من المختار المسؤول عن المنطقة التي يسكنها الشاب، بعدها تعود لفرع أمن الدولة ليتم أخذ الإذن من الفرع، وطبعاً يكون المصور مقيداً، فلا يستطيع أن يصور كثيراً من المناطق لوجود ثكنات عسكرية بها.
انتقالاً لطلاب الكيمياء، فهي من أصعب الأمور التي يمكن للشاب العمل بها، إذ إن أكثر المواد الكيميائية ممنوعة في دمشق خشية صنع مواد متفجرة تلحق الضرر بالحواجز والثكنات العسكرية، خاصة من قبل الكتائب الثورية والخلايا النائمة في العاصمة دمشق.
بالانتقال إلى دول اللجوء الأوروبية، فإن إحدى أكبر المشاكل التي تواجه الشباب هي اللغة، والثقافة المختلفة بين دول الشرق الأوسط وأوروبا، ويعاني أيضاً الشاب بعد كل المحاولات في النجاح من ملل بسبب فراغ الوقت في السنة الأولى من إقامته في هذه الدول، فهو لا يفعل شيئاً سوى النوم والإستيقاظ والذهاب لدورة اللغة التي ساعدت عدداً كبيراً من الشباب بالمجتمع والواقع.
وأهم مشكلة تواجه هؤلاء الشباب الجلوس في مخيمات اللجوء والتي تحوي أناساً من جنسيات مختلفة، عرباً وعجماً، إذ يعاني الشاب من عدم الارتياح، وصعوبة في ممارسة موهبته داخل المخيم كي لا يزعج أحد من زملائه في الغرفة.
كل هذه الأمور هي معوقات للشباب الذي يريد النجاح، مع ذلك فإن عدد الشباب الناجحين، والذين برزوا خلال الخمس سنوات الماضية، قد تجاوز العدد المعتاد، وأصبحنا نرى شباباً قد تفوقوا على ذاتهم وأرادوا أن يصعدوا إلى سلالم المجد بالاجتهاد، ومجاهدة النفس على النجاح والوصول إلى الهدف المرموق في أعلى قمة النجاح.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.