أنا لست وطنياً جيداً أو رجل دين ملتزماً، لست منتمياً أو مبادراً من أجل التحرير، كما أنني بكل تأكيد لست بالمناضل أو الثوري، ولم أخدم قضيتي بشيء، حسب قوانين الانتماء الوطني الشائع حالياً.
كل ما أقوله عن نفسي أنني فقط ذات سلبية مفرطة وإيجابية في بعض الأحيان مفرطة كذلك حول ذلك المجتمع الذي أعيش فيه.
من كان عكسي قد لا يعجبه ما أقول، وما هذه المقدمة سوى توفير لوقته وجهده لتجنب معاناة قراءة مقالي الطويل.
الوطن، الدين، والمكانة هي أغلى ما قد يمتلكه أي إنسان، أما عن الوطن فقضية فلسطين ما زالت معقدة، وتعريف الوطن للفلسطيني أمسى وما زال لغزاً كبيراً.
فهل هو وطن ذاك السياسي المحنك الذي يتفنن في العزف على وتر عاطفة الوطنية والانتماء؛ ليثمل بعدها بالرقص على أنغام أغاني حزبه الوطني نهاراً، وأنغام ما تيسر من منسق أغاني ملهاه الليلي المفضل ليلاً؟ أم هو وطن مَن خسرت أولادها أو زوجها من أجل عودة الوطن، فذهبوا ولم يعُد الوطن.
أم هو وطن المسؤول المتعالي الذي يستغل بكل ما أوتي من قوة مكانته في عمل كل ما يجعله الشخص الأفضل بنظر متملقيه؟ أم وطن موظف لا يملك من مكانة النظام العاهر شيئاً سوى راتب شهري يكاد يسكت به الأفواه البريئة التي تنتظر مصيرها المعدوم؟
هل هو وطن الصحفي الفاسق المتعجرف المنقاد والمنساق لمصلحة جيبه لا قدسية عمله؟ أم وطن المثقف الواعي المتكبر عن الابتذال والتملق؟
قد يكون وطني هو وطن هؤلاء المتسلقين الفاسدين الكاذبين الموالين لمصلحتهم، ولا شيء سواها، وليس وطن مَن تحرمه عزة نفسه من التملق والاحتيال، من الكذب والخيانة، من التآمر والتسلق على حساب المصلحة العامة.
الوطن لم يقسمه اليهود بقدر ما قسمناه نحن، أبدعنا في ذلك وما زلنا، نحن لا سوانا من قسم مجتمعنا إلى لاجئ وابن بلد، إلى مقدسي وقروي، إلى متعلم وعامل، إلى غني وفقير، نحن من قسمناه بحروبنا الإلكترونية على بعضنا، قسمناه برفضنا الدائم لمن يخالف وجهات نظرنا وتعرية من يكون عكس تيارنا.
قسمناه بتعالينا على أنفسنا وتزمتنا الدائم بآرائنا، قسمناه بسخطنا الدائم على كل شيء وانتقاد أي شيء -تماماً كما أقوم به الآن في مقالتي- قسمناه بثقافاتنا المتعددة بألوانها وأشكالها والمتَّفقة بسذاجتها، قسمناه بأنانيتنا ونفاقنا على بعضنا.
في فلسطين الطقس، الجميل والمناخ المعتدل، والتشتت الدائم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.