لماذا يجب أن تشجع وتتمنى فوز دونالد ترامب لقيادة أميركا في المرحلة القادمة؟
سؤال غريب نوعاً ما بالنسبة لنا وللمسلمين كافة، وخصوصاً مسلمي أميركا، وقد يكون غريباً للمهاجرين الساكنين في الولايات المتحدة الأميركية أيضاً.
في الحقيقة هذا ما يسأل ترامب جمهوره ويروج له في حملته الانتخابية المثيرة للجدل، قبل وبعد أن أصبح المرشح الرسمي الوحيد للحزب الجمهوري، مع استهجان كبير من قِبل معارضيه.
نعم إنه يروج للحد من الهجرة إلى أرض أميركا، ولفرض قيود على المسلمين، وتقييد لكثير من الحريات، ونقد لاذع لسياسة الحزب الديمقراطي، المتمثل بالرئيس أوباما، بالإضافة إلى نقده المباشر والانتقاص من منافسيه، وخصوصاً هيلاري كلينتون، التي أصبحت المرشح الديمقراطي الرسمي الوحيد لخوض سباق الرئاسة، مما يعتبر سابقة في تاريخ الولايات المتحدة كأول امرأة ترشح من قِبل أحد الأحزاب الرئيسية الكبرى.
هذه رسالته بالنسبة إلى جمهوره المؤيد لكل هذه الشعارات المتطرفة، مع العلم بأن 95% من السكان الحاليين للولايات المتحدة، بمن فيهم ترامب ومؤيدوه، هم من أصول غير أميركية من المهاجرين من كل قارات العالم.
لكننا الآن في عالم مستعد لتقبُّل شخصية مثيرة للجدل مثل ترامب، بعد مشاهد الهجمات الإرهابية في عدة مدن أوروبية وأميركية، ومع أن المتضرر الأكبر من الإرهاب هم المسلمون أكثر من غيرهم، وليس العراق ببعيد عن المشهد.
ترامب -في رأيي- هو رئيس أميركا القادم، وهو ما يضع الأمة الأميركية التي تنادي بشعارات الحرية منذ عقود على المحك، ومع اعتقادي الجازم أن ترامب لن ينفذ ما يوعد به ناخبيه من منع وتقييد الحريات وأكثرها جدلاً المنع لدخول المسلمين وغيرهم من المهاجرين، وتقييد ممارساتهم داخل أميركا، بالشكل الذي يدعو إليه الآن.
إذا حدث وأصبح دونالد ترامب رئيساً لدولة مؤثرة مثل الولايات المتحدة، بما يعني أن غالبية الشعب الأميركي مع هذا التيار المتنامي المعادي، ليس للمسلمين فقط والمهاجرين، بل معادٍ لكثير من مبادئ أميركا التي دارت العالم تتبجح بها.
كل اعتداء يصنف على أنه اعتداء إرهابي يخدم ترامب وحملته؛ لذلك نراه يخرج مهلهلاً مستبشراً بعبارة "ألم أقل لكم"، وهو ما يزيد بالتالي من رصيده مع اقتراب موعد الانتخابات، وأن خصمه هيلاري كلينتون المثقل بتراكم الإخفاقات في السياسة الخارجية الأميركية في عهد أوباما، وخصوصاً في ملف إيران والعراق وسوريا، كما يراها الجمهوريون.
وهذا لا يؤثر في الحقيقة كثيراً على صوت الناخب الأميركي، لكن يصب في خدمة ترامب في استمالة أصحاب الرأي المؤثرين في الناخب، مثل بعض الإعلاميين المخضرمين وشركات السلاح، مما قد يدعمه في حملته التي ارتكز فيها على شعارات غريبة بالنسبة لحملة انتخابية لحزب عريق كالحزب الجمهوري.
في الحقيقة ترامب ينذر بمزيد من السياسات الأميركية الخاطئة، إذا ما قاد دفة الحكم في البيت الأبيض، خصوصاً في الشرق الأوسط، فالعلاقة مع المملكة العربية السعودية على المحك، بعدما كانت الحليف الأقدم والأقوى للولايات المتحدة في المنطقة، كذلك التقدم المحرز بالنسبة للملف النووي الإيراني، فيما يعتبره ترامب وفريق الجمهوريين انهزاماً أمام إيران.
الأمة الأميركية وقوة تماسك المجتمع الأميركي على المحك، بما فيه من تعدد ديني وثقافي كان هو مصدر قوة أميركا على مر العصور.
شعارات أميركا الجذابة والبراقة التي غزت بها العالم ثقافياً قد تكون ذاهبة إلى الأفول، قوة حلف الناتو قد تتخلخل في حالة انسحاب تركيا بعد الانقلاب الأخير الفاشل، وتغيير الكثير من القيادات العسكرية التركية التي كانت في علاقات قوية مع الجانب الأميركي، بالإضافة لذلك قد يكون خطاب ترامب لا يتماشى مع توجهات تركيا ذات الغالبية المسلمة.
من الممكن أن يصعد نجم روسيا التي كثيراً ما تتلون وتتمايل مع المصالح، ويكون لها دور في احتواء الأعداء القادمين المحتملين لترامب، مما يجعل الصراع في الشرق الأوسط محتدماً مع تحالفات جديدة مختلفة عن سابقاتها، قد تكون غير متوقعة، كما لم يكن متوقعاً أن يراهن الحزب الجمهوري في سباق الانتخابات، ويقدم شخصية مثيرة للجدل مثل ترامب.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.