الانتخابات الأميركية وتأثيرها على العراق

كلينتون وترامب يجندان جنوداً لداعش بطريقة غير مباشرة؛ حيث إن تصريحات ترامب التي تعادي الدين الإسلامي قد تؤدي إلى تأثير عكسي، وتُجنّد جنوداً لداعش؛ كي ينتصروا للدين الإسلامي من وجهة نظرهم، وكما هي تصريحات كلينتون التي تتوعد بالقضاء على "داعش".

عربي بوست
تم النشر: 2016/10/08 الساعة 03:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/10/08 الساعة 03:04 بتوقيت غرينتش

سباق الانتخابات الأميركية أصبح أكثر شراسة؛ حيث تصاعدت حدة المنافسة، واتسعت لغة التسقيط والاتهام، بين المرشحين الديمقراطيين والجمهوريين الساعين إلى الحصول على أصوات الناخبين، والتأثير على الرأي العام الأميركي، والاستفادة من أخطاء وهفوات الخصوم في هذه الحرب الانتخابية المهمة، يضاف إلى ذلك تبنّي سياسات وبرامج إصلاحية يمكن أن تسهم في تحقيق أهدافهم.

نجد بين الحين والآخر التصريحات من المرشحين الأقوى (كلينتون وترامب) حول برنامجهما الانتخابي، ومن ضمن المواضيع المهمة التي يتأملها الكثير، نهاية "داعش" في الشرق الأوسط، فنهاية "داعش" تعتمد على الانتخابات الأميركية التي سوف تحدث نهاية هذا العام، فالمرشحان كلينتون وترامب كل له توجهّه الخاص من الناحية السياسية والاقتصادية، وكيفية التعامل مع الأزمات وتحويلها لمصلحة أميركا.

كلينتون اعترفت بنفسها، في لقاءات على التلفزيون الأميركي، وفي اجتماعها في مجلس الأمن، بأنهم هم مَن صنع "القاعدة" لمحاربة الاتحاد السوفييتي، وبعدها "داعش" في العراق؛ ليكون هنالك وجود أميركي مرة ثانية في البلد، والمعركة الأخيرة في القيارة والشرقاط أكبر دليل؛ حيث شاركت قوات أميركية في عملية التحرير.

إذن أستطيع أن أستنتج أن ميولها التعاون مع الإرهاب من أجل مصالحهم، والحفاظ على استقرار بلدهم، على حساب البلدان الأخرى، وسهولة التحكم في الشرق الأوسط، ما يعتبر ورقة ضغط على البلدان العربية.

ولكن من جانب آخر، فقد سبق أن اتهمت كلينتون، ترامب بأنه يساعد في تجنيد أعضاء جدد لـ"داعش"، بسبب التصريحات العنصرية المعادية للإسلام والمسلمين من قِبل ترامب، هنالك تناقض في كلامها، فهي تعترف بصنع الإرهاب، ومن جهة أخرى تتهم منافسها بأنه يجند الإرهابيين، وتتوعَّد بالقضاء على "داعش"!

أما ترامب فقد أظهر عداءه للإسلام والمسلمين وللتطرف الديني، وتوعد بمحاربته بشتى أشكاله، وهذا ما صرَّح به علناً على التلفزيون، وأيضاً منع المسلمين من دخول أميركا؛ لاعتقاده أنهم نواة الإرهاب، فالقضاء على السبب أفضل من معالجته لاحقاً، وهذا أيضاً يعطي الحجة لترامب لمحاربة الإرهاب أينما كان، ويستطيع الدخول إلى الكثير من البلاد بحجة وجود الإرهاب.

ومن جهة أخرى، اتهم دونالد ترامب، الرئيس الأميركي باراك أوباما، ووزيرة خارجيته سابقاً هيلاري كلينتون، بالمساعدة في تنامي تنظيم داعش، وتابع: لقد خلقوا "داعش"، هيلاري كلينتون خلقت "داعش" بالتعاون مع أوباما.

وانطلقت عدة تصريحات مهمة في هذا الموضوع من قِبل سياسيين أميركيين ومحللين، منهم جيب بوش؛ حيث وصف وضع العراق بالهش، ولكنه كان آمَنَ عندما تركه جورج بوش، ولكن سياسة أوباما ووزيرة خارجيته كلينتون جعلت وضع العراق يسير من سيئ إلى أسوأ؛ حيث إنهما أهدرا فرصة ترك قوة طوارئ من نحو 10 آلاف جندي حين غادرت القوات الأميركية العراق عام 2011، بما قد يسهم في حماية المكاسب التي تحققت بعد زيادة القوات الأميركية هناك عام 2007.

ولكن من جهة أخرى، فإن كلينتون وترامب يجندان جنوداً لداعش بطريقة غير مباشرة؛ حيث إن تصريحات ترامب التي تعادي الدين الإسلامي قد تؤدي إلى تأثير عكسي، وتُجنّد جنوداً لداعش؛ كي ينتصروا للدين الإسلامي من وجهة نظرهم، وكما هي تصريحات كلينتون التي تتوعد بالقضاء على "داعش".

أما بالنسبة لوجهة نظر بعض السياسيين العراقيين بخصوص الانتخابات الأميركية، فانطلقت عدة تصريحات، منها تصريح حيدر العبادي؛ حيث استبعد تأثير انتخابات الرئاسة الأميركية على دعم واشنطن لبغداد في الحرب على تنظيم "داعش" الإرهابي، وخاصة في عملية تحرير الموصل، وقال: إنه من مصلحة العالم أجمع أن ينجح العراق في القضاء على الإرهاب، بوصفه تحدياً خطيراً حتى بعد تحرير الأراضي التي يسيطر عليها "داعش".

لكن النائب عن التحالف الوطني سليم شوقي فيختلف مع العبادي؛ حيث قال إن المرشحين لتولي الإدارة الأميركية يستخفّون بعقول المواطنين في جميع أرجاء العالم، ويحاولون لفت الانتباه وجني الأصوات، فضلاً عن أنه فضح بذلك السياسة الأميركية الجديدة في العراق التي تعتزم تقسيم العراق على أسس طائفية وإقليمية، وفق مخطط صهيوني – أميركي – خليجي، يهدف إلى القضاء على السيادة العراقية.

من وجهة نظري، ومن خلال كل ما ذكرناه بأن نتائج الانتخابات الأميركية المرتقبة لن تغير بشكل كبير في سياستها تجاه العراق، فلقد سحبت أميركا في ما سبق قواتها من العراق كوعد أطلقه أوباما في 2008 في حال فوزه في الانتخابات، لكن لحد الآن لديها قواعد في العراق لإدارة مصالحها في المنطقة، وأظن أنه ستبقى هنالك قواعد لـ"داعش" في المنطقة، حتى وإن لم تكن في العراق؛ لكي تدير مصالحها.

من خلال ما ذكرناه مسبقاً نلاحظ أن الاختلاف بين رئيس أميركي وآخر هو مجرد وهْم -إذا صحَّ التعبير- على خلفية أن البيئة واحدة، والمواقف واحدة؛ لأن المصالح واحدة، أي أن الأهداف واحدة غالباً.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد