لا يعرف أحد على نحو مُؤكد من سيفوز في 8 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ومع ذلك فإن رجلاً واحداً مُؤقِنٌ من الأمر، وهو البروفيسور آلان ليتشتمان، الذي صدقت تنبؤاته بشأن كافة الانتخابات الرئاسية التي أجريت منذ عام 1948.
فعندما التقت به صحيفة "واشنطون بوست" الأميركية، في مايو/أيار الماضي، شرّح ليتشتمان كيف انتهى إلى ذلك القرار، فتنبؤاته ليست قائمة على استطلاعات الرأي بشأن سباق الانتخابات، أو التغير الذي يطرأ على التركيبة السكانية، كما أنها ليست قائمة على آرائه السياسية؛ بل إنه بدلاً من ذلك، يستخدم نظاماً من عبارات يُجاب عنها بـ"الصواب أو الخطأ"، يُسمّيها "مفاتيح البيت الأبيض" لتحديد الفائز الذي يتنبأ به.
وحسب ما نقلت إندبندنت البريطانية في 23 سبتمبر/أيلول، قال البروفيسور إن دونالد ترامب هو المُرجّح للفوز.
مفاتيح البيت الأبيض
والمفاتيح التي شرحها على نحو مُستفيض في كتابه "التنبؤ بالرئيس القادم.. مفاتيح البيت الأبيض 2016" هي كالآتي:
· الحزب الحاكم: أن يحوز الحزب الحاكم مقاعد أكثر في مجلس النواب الأميركي في الانتخابات النصفية من الانتخابات السابقة.
· السباق: ألّا يوجد تسابق جاد لمُرشحي الحزب الحاكم.
· شغل المنصب: مُرشح الحزب الحاكم هو الرئيس الحالي.
· الحزب الثالث: لا يوجد حزب ثالث أو حملة مستقلّة.
· الاقتصاد قصير المدى: الاقتصاد ليس في حالة ركود خلال الحملة الانتخابية.
· الاقتصاد طويل المدى: يضاهي أو يتجاوز النمو الاقتصادي الفعلي للفرد متوسط ما كان عليه خلال الفترتين الرئاسيتين السابقتين.
· تغير السياسة: تؤثّر الإدارة الحاكمة على أغلب التغيرات في السياسة القومية.
· الاضطراب الاجتماعي: لا يوجد اضطراب اجتماعي مُستدام خلال الفترة الرئاسية.
· فضيحة: الإدارة الحاكمة غير متورطة في فضيحة عظمى.
· الإخفاق العسكري والخارجي: لا تعاني الإدارة الحاكمة الحالية إخفاقاً في الشؤون الخارجية أو العسكرية.
· النجاح الخارجي والعسكري: الإدارة الحاكمة تحقق نجاحاً كبيراً في الشؤون الخارجية والعسكرية.
· الكاريزما الحاكمة: أن يكون مُرشح الحزب الحاكم صاحب كاريزما أو بطلاً قومياً.
·- كاريزما المُنافس: ألا يكون مرشح الحزب الآخر صاحب كاريزما ولا بطلاً قومياً.
التقى ليتشتمان، وهو أستاذ بارز في التاريخ في الجامعة الأميركية، مع إصدار The Fix التابع لصحيفة واشنطون بوست الأميركية، هذا الأسبوع، ليكشف عمن يعتقد أنه سيفوز بالانتخابات المقرر انعقادها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ولماذا كان عام 2016 الأكثر صعوبة في التنبؤ بنتيجة انتخاباته حتى الآن، وأشارت الصحيفة إلى أن المحادثة قد خضعت لتعديل طفيف لتجنب الإطالة ومن أجل الإيضاح.
الصحيفة: هل يمكنك إخباري بشأن المفاتيح، وكيف تستخدمها في تقييم الانتخابات حيث أفترض أن الأمر غامض وقد تبلور خلال عام أو اثنين من سير الانتخابات؟
ليتشيمان: إن "مفاتيح البيت الأبيض" هي نظام للتنبؤ يستند إلى التاريخ، وقد قمت باستمداد النظام بالنظر إلى جميع الانتخابات الرئاسية التي انعقدت منذ عام 1860 حتى عام 1980، وقد استخدمت النظام في التنبؤ الصحيح بنتائج الانتخابات الرئاسية الثمانية الأخيرة كلها، منذ عام 1984 وحتى عام 2012.
وتلك المفاتيح تتألف من 13 سؤالاً يُجاب عنها بـ"صواب أو خطأ"، حيث إنه دائماً ما ترجّح الإجابات بـ"صواب" إعادة انتخاب الحزب الذي يسيطر على مقاليد البيت الأبيض، وهو الحزب الديمقراطي في هذه الحالة، وقد صيغت تلك المفايتح لتعكس بدورها النظرية الأساسية القائلة إن الانتخابات هي في المقام الأول أحكام على أداء الحزب الذي يسيطر على البيت الأبيض.
وإذا أُجيب عن 6 أو أكثر من المفاتيح الـ13 بـ"خطأ" – وهذا ما عليه الأمر، فإن النتيجة تكون ضد الحزب الحاكم – وسوف يخسر. إذا قلَّ عدد الأسئلة التي يجاب عنها بـ"خطأ" عن 6 تساؤلات، ينال الحزب الحاكم 4 سنوات إضافية.
– إذاً؛ فإن الناس الذين يستمعون إلى المُستوى السطحي فحسب من الجدل قد يقولون: حسناً، لدى الرئيس باراك أوباما شعبية تبلغ نسبتها 58%، فهل هذا يعني أن الديمقراطيين في موقع فوز؟ ولماذا يعد ذلك خاطئاً؟
إنه، وبشكل مُطلق، لا يعني أن الديمقراطيين في موقع فوز؛ فقبل كل شيء، أحد مفاتيحي تتناول ما إذا كان الرئيس الحالي يسعى إلى إعادة انتخابه أم لا، وهُم في الحقيقة أسقطوا ذلك المفتاح، كما أن مفتاحاً آخر يتعلق بما إذا كان مُرشح الحزب المُهيمن على البيت الأبيض صاحب كاريزما، مثل أوباما في 2008، وهيلاري كلينتون ليست صاحبة كاريزما.
– على الجانب الآخر؛ ماذا عن دونالد ترامب؟ إنه لا ينتمي إلى الحزب الحاكم ولكن هل كانت حملته لغزاً من حيث قدرتك على تقييم تلك الانتخابات؟
لقد جعل دونالد ترامب هذه الانتخابات الأصعب في تقييمها منذ عام 1984، فلم نشهد أبداً مُرشحاً مثل دونالد ترامب، وقد يكسر ترامب أنماط التاريخ التي رسخت منذ 1860.
فلم نشهد أبداً مُرشحاً قضى حياته في إثراء نفسه على حساب الآخرين، وهو المُرشح الأول في التاريخ الذي يعد سلسلة من الأكاذيب، إذ يغير الحقائق كلما تقدم في الانتخابات.
وحتى عندما يقول الحقيقة، مثل قوله إن "باراك أوباما لم يولد في الولايات المُتحدة الأميركية"، وحتى عندما عرض باراك أوباما وثيقة ميلاده، لم يُصدقها ترامب. كما لم يكن لدينا من قبل أبداً مُرشح حرّض على العنف ضد خصمه بطريقة مكشوفة ليس مرّة واحدة فحسب، بل مرتين.
ولم يكن لدينا أبداً من قبل مُرشح قام باستعداء القوى الأجنبية لخوض الانتخابات الأميركية، ولم يكن لدينا أبداً مرشح هدد بشن حرب بتفجير سفن في مياه الخليج الفارسي إن اقتربت منّا.
ولم يكن لدينا من قبل أبداً مُرشّح اعتُبِر نموذجاً يُحتذى به كقاتل، وديكتاتور معادٍ للأجانب، وبالنظر إلى جميع تلك الاستثناءات التي يمثلها دونالد ترامب، فإنه قد يحطم أنماط التاريخ التي رسخت لأكثر من 150 عاماً، ويخسر هذه الانتخابات إن كانت الظروف التاريخية ترجّح ذلك.
تفصلنا أقل من 7 أسابيع عن الانتخابات، فمن تتوقع له الفوز في نوفمبر المقبل.
إن تم الاستنداد إلى المفاتيح الثلاثة عشر، فإنها تتنبأ بفوز ترامب؛ تذكر أن 6 مفاتيح لم تتحقق وأنه في الوقت الراهن، قد خسر الديمقراطيون – بالتأكيد – 4 مفاتيح.
فالمفتاح الأول هو "الحزب الشاغل للمنصب"، وإلى أي مدى كان أداؤه جيداً في انتخابات التجديد النصفي، وقد سُحِقوا آنذاك.
أما بشأن المفتاح رقم 3؛ فالرئيس الحالي لا يخوض المنافسة.
أما عن المفتاح السابع، فلا يوجد تغير سياسي هائل في فترة أوباما الرئاسية الثانية، مثل قانون الرعاية الصحية.
والمفتاح رقم 11؛ هو أنه لا يوجد نجاح خارجي منقطع النظير.
وبشأن المفتاح رقم 12؛ فإن هيلاري كلينتون ليست فرانكلين روزفيلت.
كما أن مفتاحاً آخر قد سقط، وهو مفتاح غاري جونسون، فأحد مفاتيحي تتعلق بأن الحزب الحاكم ينال "خطأ" إن كان مُتوقعاً أن ينال مُرشح عن حزب ثالث نسبة 5% أو أكثر من إجمالي عدد الأصوات.
فأعلى نسبة حصل عليها غاري جونسون في استطلاع للرأي بلغت حوالي 12 إلى 14%. وقاعدتي الخاصة تقول إنه عليك أن تقلص ذلك إلى النصف، وهو ما يعني أنه يحصل على 6 إلى 7% من إجمالي الأصوات، وذلك من شأنه أن يكون المفتاح السادس والأخير ضد الديمقراطيين.
لذلك فإنه بفارق ضئيل جداً جداً، تشير المفاتيح إلى فوز ترامب. ولكنّي أود أن أقول المزيد بشأن تلك النقطة، فالمفاتيح تشير إلى فوز الجمهوريين بشكل عام، لأني أعتقد أنه بالنظر إلى الطبيعة غير المسبوقة لترشيح دونالد ترامب نفسه، فبإمكانه أن يخسر على الرغم من أن حكم التاريخ في صالحه، لذا فإن ذلك أيضاً يرجح – كما تعلمون- أن النتيجة المحتملة للانتخابات قد تذهب إلى أي من المسارين، ولا ينبغي لأحد الجزم بتوقّعه، بغض النظر عمن يؤيده وسيخرج للتصويت له.
هل تعتقد أن الحقيقة القائلة إن ترامب ليس جمهورياً تقليدياً تسهم بدورها في حالة عدم اليقين بشأن ملاءمته لمنهجية موحدة لتقييم المفاتيح (وهو بالتأكيد أيضاً ليس جمهورياً بحت، من المنظورين البلاغي والسياسي)؟
أعتقد أن الحقيقة هي أنه مُستقل بعض الشيء، ولا يعرف أحد أين يقف على الساحة السياسية، فهو يتحول باستمرار، وأتحدى أن يقول شخص ما سياسته للهجرة، وما سياسته بشأن منع المسلمين أو غيرهم من دخول الولايات المتحدة، وهذا بالتأكيد يعد عاملاً.
ولكن فضلاً عن تاريخه فهناك جامعة ترامب، ومعهد ترامب، ومؤسسته الخيرية لإثراء نفسه على حساب الآخرين، وجميع الأكاذيب والأمور الخطيرة التي قالها في حملته، والتي يمكن أن تجعل منه مرشحاً خارقاً لما كان عليه السابقين.
إن الأمر مثير للاهتمام، أنا لا أستخدم استطلاعات الرأي كما شرحت، ولكن الاستطلاعات قد خضعت لتدقيق شديد مؤخراً، كما تقل كلينتون تقدماً عما كانت من قبل، ولكن السبب في ذك لا يرجع لصعود ترامب، بل في إخفاق كلينتون، فترامب لايزال يحوز نحو 39% من استطلاعات الرأي، وليس بإمكانه الفوز ما لم يتخط 40%.
وبإدراك الناس أن الخيار ليس غاري جونسون، بل خيارهم الوحيد يتأرجح بين ترامب وكلينتون، فقد ينأى مؤيدو غاري جونسون عنه وعن كلينتون، لاسيما جيل الألفية. كما تعلمون، فقد رأيت هذا الفيلم من قبل، حيث كان أول تصويت شاركت به في عام 1968، عندما كان عمري مساوياً لأعمار جيل الألفية آنذاك، ولم يصوّت العديد من أصدقائي الليبراليين لهيوبرت همفري لكونه جزءاً من المؤسسة الديمقراطية، وخمّن ما حدث! لقد انتخبوا ريتشارد نيكسون.
وبطبيعة الحال، كما قلت لأكثر من 30 عاماً، فإن التنبؤات ليست تأييداً. وتستند توقعاتي إلى نظام علمي.
كما أنها لا تمثل بالضرورة، بأي شكل من الأشكال، تأييد آلان أو تأييد الجامعة الأميركية لأي مرشح، وبطبيعة الحال، كمُتنبئ ناجح بنتائج الانتخابات، فقد توقعت احتمالات متساوية تقريباً لفوز الديمقراطيين والجمهوريين.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Independent البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.