من الصعب على المتابع للمشهد السوري، فصل أيّ محفلٍ سواء كان فنياً أو رياضياً عن الحالةِ السياسية والميدانية التي تشهدها سوريا.. ذلك أن الأسد الفاقد للشرعية بنظر معظم الحكومات والشعوب العربية والغربية والمتمتع بالشرعية ذاتها مطلقاً لدى الأمم المتحدة، التي ما زالت تموّل نظامه بملايين الدولارات بحجة دعم مشروعاتٍ زراعية وصناعية، ما فتئ يتصيدُ أيّ فرصةٍ لرفع علمه الأحمر ذي النجمتين؛ تأكيداً منه على شرعيته ووجوده واستمرار صلاحيته سياسياً ودبلوماسياً رغم فيض الكوارث التي ارتكبها في سوريا..
ليس هذا محور حديثنا ولن نطوّل الكلام فيما طال الكلام فيه؛ لأن النقاش هنا إنما يدور حول الحالة المزرية التي وصل إليها المنتخب السوري لكرة القدم قبيل بدء التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم المقررة في روسيا عام 2018 وظهرت عواقبها بعد انطلاقها بمباراة واحدة نتيجة قيام الإدارة الفنية للمنتخب باستبعاد أهم اللاعبين وأكثرهم خطورة ومهارةً داخل المستطيل الأخضر لكونهم من المعارضين لنظام الأسد الذين اختاروا الوقوف إلى جانب الشعب الثائر في ثورته مثل اللاعب المخضرم فراس الخطيب والمايسترو جهاد الحسين والعكيد كما يحلو لمعجبيه تسميته عمر السومة هداف الدوري السعودي، علاوةً عن فرضها شروطاً تحكمية على لاعبين آخرين لا مانع لديهم من تمثيل المنتخب شريطة أن يكون منتخباً لكل السوريين على اختلاف توجهاتهم وآرائهم والتخلي المطلق عن كافة الاعتبارات السياسية التي دأب النظام على استغلالها خارجياً لتلميع صورته وحفظ ماء وجهه.
هذا الحلم الذي داعب آمال السوريين العاشقين للكرة المستديرة، منذ أن نجح الآباء في الوصول لتلك التصفيات في المكسيك عام 1986 اصطدم بفساد الاتحاد الرياضي السوري وتبعيته الكاملة للسلطة وتنفيذه لأوامرها منذ ذلك الوقت وإلى الآن، إذ إن المؤسسات الرياضية لم تختلف في ممارسة الديكتاتورية وسياسة الإقصاء ذاتها التي اتبعتها المؤسسات الأمنية والعسكرية التابعة للنظام ربيع 2011 منذ أن صدحت حناجر السوريين بأول صرخة حرية.. حالة الفوضى والفساد والمحسوبيات وعدم الكفاءة التي اتسمت بها الإدارة الفنية القائمة على المنتخب السوري ممثلةً بمدير المنتخب ونائب رئيس الاتحاد الرياضي فادي الدباس، وصولاً إلى المدرب المحلي أيمن الحكيم الذي يفتقد سجله للإنجازات والخبرات الكافية لاستلام مثل هذه المهمة وليس انتهاءً بلاعبين أقل مايمكن أن يقال عنهم درجة ثانية أو ثالثة يلعبون من أجل كسب لقمة العيش ولم يسعفهم أداؤهم للفت أنظار المدربين في الأندية العربية التي انتقل إليها معظم اللاعبون السوريون المحترفون.. تلك الحالة هي ما أثار موجة غضب عارمة لدى صفوف المؤيدين للنظام قبل المعارضين له، إذ إن حدثاً رياضياً بهذا الحجم يفترض أن يسبقه استقدام للاعبين المحترفين في الخارج وإقامة معسكرات تدريب خارجية من شأنها رفع الجاهزية البدنية والتعاقد مع كادر فني لديه من الخبرة والقوة ما يؤهله لقيادة حلم بمثل هذا الحجم وإن لم يكن أجنبياً، فهنالك على الأقل أربعة أو خمسة أسماء لمدربين وطنيين أثبتوا نجاحهم وحققوا إنجازات جمة في الخارج، إلا أن شيئاً من ذلك لم يتحقق وبات سؤال الجماهير الرياضية اليائسة في سوريا أي منتخب هذا الذي يفاخر به نظام الأسد ويدفع مؤيديه لتنظيم حملات افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي لرفع الروح المعنوية للاعبيه؟! منتخب يفتقد للنخب الرياضية ولا يمثل السوريين لا اليوم ولا غداً، إنه منتخب بلا نخب ولا انتخاب.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.