في جميع دول العالم ذات النظام البرلماني تكون مهمة البرلمان أو مجلس النواب، هي تشريع القوانين ومراقبة مؤسسات الحكومة، إلا في العراق، فإن مجلس النواب العراقي كسر جميع القواعد والأعراف، وخرج عن المألوف حينما أصبح أداة بيد دول الجوار العراقي؛ من أجل تصفية الحسابات السياسية لصالح من يتنازل ويخضع أكثر!
إقالة وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي تمت وفق مرحلتين، المرحلة الخارجية:
في منزل وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، قبل أيام تم ترتيب إقالة وزير الدفاع خالد العبيدي وسحب الثقة عنه، بعد زيارة قصيرة لرئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري، الذي اتهمه العبيدي بالفساد والابتزاز أثناء جلسة استجواب لا تستحق أن تصوف بأكثر من سيناريو هزيل الشكل والمضمون..
لحد كتابة هذه المقالة لا أحد يعرف علامَ اتفق سليم الجبوري مع الجانب الإيراني مقابل دعمه للبقاء في منصب رئاسة البرلمان وإعطائه الضوء الأخضر بالتحرك الفوري لسحب يد خالد العبيدي من وزارة الدفاع، في حين أن معركة الموصل على الأبواب، والتي يعتبرها الشعب العراقي والمجتمع الدولي، معركةً مصيرية يخوضها خالد العبيدي ابن الموصل ضد من استباحوا مدينته.
المرحلة الداخلية:
هي صفقة تمت بين التيار الصدري والحزب الإسلامي العراقي -الذي يعتبر رئيس مجلس النواب سليم الجبوري أحد أهم قادته- مضمون الصفقة هو دعم إقالة خالد العبيدي من قبل التيار الصدري، مقابل إقرار قانون العفو العام الذي يخدم معتقلي التيار، بدليل أن كتلة الأحرار التي تمثل التيار الصدري داخل قبة البرلمان لم ينسحبوا من جلسة يوم الخميس الماضي لكسر النصاب عند التصويت على إقالة خالد العبيدي كما فعلوا يوم الثلاثاء الموعد الأول الذي فشل فيه البرلمان بسحب يد العبيدي من وزارة الدفاع.
أعضاء مجلس النواب العراقي الذين صفقوا لوزير الدفاع خالد العبيدي في جلسة استماعهم للعبيدي أثناء كشفه فساد وابتزاز رئيس البرلمان سليم الجبوري ومن يحيط به هم انفسهم الذين صوتوا لإقالته، بعد أن ثقلت أرصدتهم وتحققت مصالح كتلهم البرلمانية.
إن من صوت على سحب الثقة عن وزير الدفاع خالد العبيدي، هم ذات الوجوه التي تصفق للذي سلم ثلث أراضي العراق لتنظيم داعش دون أي خجل.
142 نائباً هو عدد النواب الذين صوتوا على قرار إقالة وزير الدفاع، فيما عارض 102 نائب القرار وامتنع 18 نائباً عن التصويت وحضر جلسة التصويت 262 عضواً، حسب الدستور العراقي، فإن سحب الثقة عن خالد العبيدي هو أمر غير دستوري.
حيث نص الدستور في المادة 61/ ثامناً على: "لمجلس النواب سحب الثقة من أحد الوزراء، بالأغلبية المطلقة". والمطلقة هنا تحتسب من كل أعضاء المجلس وليس عدد الحضور، لكن تفسير المطلق في هذه النقطة تحديداً بات نسبياً بقدرة المحكمة الاتحادية! فأصبح وزير الدفاع مقالاً بـ142 نائباً وليس 165.
إقالة وزير الدفاع خالد العبيدي في هذا الوقت الحساس الذي يعيشه العراق تُعَدُّ انتكاسةً وضربةً لكل من يحاول كشف الفاسدين في العراق.
الرأي العام في العراق لا يتجاوز تأثيره حدود صفحات فيسبوك وتويتر.
خالد العبيدي لم تنفعه صيحات الجماهر الشيعة "علي وياك علي" في منطقة الكاظمية.
ولم تنفعه صيحات الجماهير السنة "كلنا وياك كلنا" في منطقة الأعظمية،
بل ما ينفع اليوم هي همسات سليم الجبوري وحزبه الإسلامي، كونها أقوى وقعاً من الصيحات، وهي الاستنجاد بالمعسكر الإيراني المتمثل بخامنئي وسليماني.
يكذب من يقول إن البرلمان صوت الشعب، البرلمان في العراق هو صوت الفاسدين والعملاء أتباع الدول الطامعة بثروات العراق.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.