بكل تأكيد تستطيع دول الخليج حمل "حصتها" -على الأقل- من اللاجئين السوريين، بكل تأكيد تستطيع بناء الصحراء في أشهر، كما ناطحات السحاب التي تتناطح شركات البناء في مناقصاتها على سرعة الإنجاز ضمن أشهر معدودة غالباً.
طبعاً تستطيع دول الخليج تأمين مخارج آمنة بل وتأمين طيارات لإخراج الناس، نعم وتحت غطاء التحالف الدولي أيضاً، فلا يخفى عن أحد، لا علاقات دول الخليج ولا كمية الثروة المكثفة في دول الخليج العربي.
لا يفتأ الإعلام الغربي وتواصلهم الاجتماعي على الإنترنت يتهكم من الرقم صفر، وهو عدد من تم قبول لجوئهم في دول الخليج العربي، ولا يكفون عن ذكر الروابط المشتركة، عن ذكر اللغة الواحدة والدين الواحد وحتى لنقل العرق الواحد والقرب الجغرافي، ويقوم ناشطون من دول اسكندنافية بالكتابة على بعض اللوحات التي تظهر إحصاءات اللاجئين ويدرجون صفرنا المخجل ويلتقطون صوراً معها، ويكتبون ملاحظات مفادها أنك تستطيع أن تصبح منتجاً وتعمل بشكل أسرع بسبب عدم وجود حواجز اللغة والثقافة والدين.
أما العرب عموماً ففي حالة ندب ونحيب عام، وممزقون بين "وامعتصماه" وبين وزير "التروما" الذي لا يخفى عن أحد كلامه المخجل، وحواراتهم وتعليقاتهم التي أصبحت بين مملة ومثيرة للشفقة، كلنا نعرفها: "أين العرب؟، أين حكام العرب؟، أين دول المال والنفط؟، أين النخوة؟ الدين؟ الأخلاق؟ وصية النبي (صلى الله عليه وسلم) ببعضنا؟، كتاب الله؟ شرع الله؟"، الجميع اجتمع على هذه الصرخات بلا فائدة.
هل دول الخليج تغلق اللجوء لديها لأسباب غير الأسباب السياسية؟، لا.
هل دول الخليج دول ضعيفة وتخشى من انفلات أمني قد يسببه أحد اللاجئين في المستقبل؟، لا.
هل بمنع اللجوء تحمي نفسها من اعتداءات إرهابية؟، لا أعتقد ذلك.
هل دول مجلس التعاون الخليجي غير قادرة على الإنفاق على اللاجئين؟، لا.
فعلى هامش حرب النفط والغاز، وبشكل موازٍ لها تسير حرب طائفية على أرض سوريا بين السنة والشيعة بشكل غير خفي على أحد، فطرف الصراع الواقف إلى جانب النظام جلي تماماً، والمعارضة المسلحة واضحة تماماً -وبكل تأكيد بغض النظر عن داعش التي تشكل طرفاً ثالثاً فهي غير معنية هنا بالذكر- إيران ولبنان والعراق وأفغانستان وغيرها تضخ مقاتلين شيعة ويتم توطين عائلات شيعية على مساحات كبيرة من بعض المدن التي تتغير هويتها تدريجياً ويمنحونهم الجنسية السورية، والسياسة الخليجية عند هذه النقطة تعتقد أن عليها لعب دور "حارق السفن"، دور تقرأ في توجهه "البحر من ورائكم والعدو من أمامكم"؛ ليبقى القتال هو الخيار الوحيد وليبقى الضغط والألم والويلات دافعاً في زيادة عدد المقاتلين، يقولون: العمالة السورية شهيرة في المنطقة، وكان وقبل الحراك الكثير من السوريين يحلمون بالسفر والعمل في إحدى الدول الخليجية، فلو تم فتح باب اللجوء في الخليج العربي سيتركون كل شيء ويأتون إلينا، ولن يبقى من يخوض تلك الحرب الطائفية بمواجهة الشيعة.
لكن الحقيقة أن من يريد الخروج سيخرج وسيجد لنفسه سبيلاً، فلو تم فتح باب للجوء في دول الخليج سيذهب كثيرون لكن بكل تأكيد ليس الجميع، ولن تتغير معطيات المعركة، لكن من أحد الفروق أن من كان قرر الخروج -على الأغلب- لتوجه إلى الخليج وما غرق في بحر إيجة أو المتوسط أو ما كان مات قبراً غريباً على الحدود اليونانية – المقدونية، فقط أسهمتم في إذلال من قرر الخروج، إذ تجد العديد من الشبان قد هربوا إلى أوروبا كي يحاولوا بموجب إقاماتهم الأوروبية الحصول على فيزا لإحدى الدول الخليجية، ويحق للأوروبيين الاستهزاء بنا جميعاً، مع أنهم فقط يطرحون التساؤلات ولا يجيبون عنها.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.