الكذب السياسي حق ديمقراطي وشرعي، قالها لي أحد السياسيين الإسلاميين الذين يحكمون العراق الآن، متعكزاً بكذبه على مواجهة الحركة المدنية في العراق!
الكذب السياسي هو الكذب الذي يقوم على القاعدة الميكافيللية التي تقول: "إن الغاية تبرر الوسيلة"، أو "الغاية تسوغ الواسطة"، وهذه القاعدة يأخذ بها غالبية السياسيين.
قد يختلف الكذب السياسي عن الكذب العادي، ولكن قد يستحي الكاذب في بعض الأحيان إلا إذا كان سياسياً عراقياً!
"الكذب السياسي هو اختلاط الكذب بالكذب، فلا وجود للصدق فيه، أما رواده فهم كل من تجرد من إنسانيته وأحاسيسه ومشاعره فبات أشبه بمعادلة تنتظر المعطيات لتخرج النتائج".
مستوى الكذب السياسي في العراق وصل إلى درجات غير مقبولة، عندما يمارس الساسة عملهم تحت سلطة القانون الذي ينص على أن الكذب جريمة مخلة بالشرف ستتبخر تدريجياً الدعايات الانتخابية الكاذبة والتخويف والتخوين والاتهام غير المرفق بدليل لصالح الوطن والمواطن.
تحويل فهم "الكذب السياسي جريمة مخلة بالشرف" إلى قانون يطبق بصرامة وشفافية دون الاستغلال السياسي وتأثيرات الأحزاب المتنفذة على السلطة القضائية، سيسهم هذا القانون في إحداث تغيير بعض الشيء من وجه الممارسة السياسية في العراق.
دعوة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى اعتبار الكذب السياسي جريمة مخلة بالشرف لم تأتِ من فراغ، بل طالب بسن قانون الكذب السياسي بعد أن اتهمه أحد نواب الكتلة البرلمانية التي ينحدر منها العبادي نفسه! "دولة القانون" أن العبادي قدم عبر وسطاء عرضاً للنائب هيثم الجبوري بمنحه 5 مناصب بدرجة مدير عام في الدولة العراقية مقابل المطالبة والتعهد بعدم استجواب العبادي في البرلمان، بحسب الجبوري.
ويشمل قانون كهذا إذا أقر فعلاً أكثر من 90% من السياسيين العراقيين، وخصوصا الحزب الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء العبادي نفسه!
الكذب جزء أساسي في سياسة العراق ما بعد عام 2003، من دعا لسن قانون الكذب السياسي هو نفس الشخص الذي يحكم حزبه العراق منذ 10 سنوات، حزب الدعوة الإسلامية الذي يعتبر حيدر العبادي أحد صقوره، يسيطر على جميع مفاصل الدولة العراقية، ويشاركهم الآخرون بمقدار شكلي، وجميع أنواع الكذب والفشل والفساد يتحمله حزب الدعوة الحاكم ويشاركهم الآخرون كل بمقدار مشاركته في الحكم.
الكذب السياسي تأثيره أكبر ووقعه أقوى من الكذب العادي، وذلك لأن الأول تأثيره يشمل الشعب بأكمله، والأخير يشمل أشخاصاً فقط.
العراق بحاجة ملحّة إلى قانون الكذب السياسي الذي يتم بمقتضاه محاكمة أي سياسي لا يفي بتعهداته، ولا يحقق طموحات جمهوره، وليس قانون التظاهر أو قانون مراقبة الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي هي الحاجة الماسة التي يطالب بها الشعب العراقي، كما يدعي بعض الساسة.
عالم السياسة العراقية بعد عام 2003 له قانون واحد فقط، هو الكذب والشيطنة والمؤامرة، فمن المستحيل تركيب الإطار السياسي العراقي على صورة الصدق والإخلاص والخدمة والمصالح المشتركة
، التناقض والكذب والتضليل شمس لا تغيب عن غالبية السياسيين، وعدم وجود قانون ينظم عمل القضاء ويحاسب أعضاءه الذين يدخلون المعترك السياسي أو يتهاونون في أداء واجباتهم على أساس الطائفة أو القومية أو التحزب السياسي، فلا توجد فائدة من سن قانون الكذب السياسي يا دولة الرئيس العبادي!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.