حلف الظل.. كيف تطور “إسرائيل” علاقاتها بدول المنطقة؟

تبدو "إسرائيل" مزهوة بما يحصل في المنطقة من اضطرابات، وما تقوم به من وساطات وتحولها إلى "عراب" للتوافقات بين الدول في الآونة الأخيرة، متخذة من التضعضع الحاصل في استراتيجيات المنطقة، وبالذات بعد تطورات الملف السوري، وما آل إليه الربيع العربي من ثورات مضادة، مدخلاً لتنمية نفوذها الإقليمي.

عربي بوست
تم النشر: 2016/08/11 الساعة 00:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/08/11 الساعة 00:26 بتوقيت غرينتش

تبدو "إسرائيل" مزهوة بما يحصل في المنطقة من اضطرابات، وما تقوم به من وساطات وتحولها إلى "عراب" للتوافقات بين الدول في الآونة الأخيرة، متخذة من التضعضع الحاصل في استراتيجيات المنطقة، وبالذات بعد تطورات الملف السوري، وما آل إليه الربيع العربي من ثورات مضادة، مدخلاً لتنمية نفوذها الإقليمي.

من وجهة نظر كيان الاحتلال الإسرائيلي، فإن هناك تطوراً في العلاقات بين الكيان الإسرائيلي وبين الدول السنية الأكثر أهمية في المنطقة، فضلاً عن شبكة العلاقات العلنية بين كيان الاحتلال، وبين كل من مصر والأردن اللتين توجد لإسرائيل علاقات دبلوماسية كاملة معهما.

تروم الرؤية الإسرائيلية الترويج لنظرية مفادها أن هناك ثلاثة دوافع لهذا التغيير الحاصل من المواقف تجاهها؛ الأول يتمثل في تخوّف دول سنية من تعاظم قوة إيران، التي تقود الكتلة الشيعية في المنطقة وتهدد سلامة الدول السنية وأمنها. وأن هذا النزاع الديني القديم بين الأقلية الشيعية والأغلبية السنية تستفيد فيه أقلية من وجود زعامة واحدة لها مستعدة لتوظيف كل ما هو مطلوب من أجل تغيير وضع الشيعة في الشرق الأوسط من جذوره.

يؤجج كيان الاحتلال هذا الخلاف بصرف النظر عن مدى دقته وصحته، فالساسة في كيان الاحتلال يرون أن هذه القيادة الموجودة في طهران تقود مسعى مخططاً له ومركزاً يهدف إلى تحرير الشيعة من ظلم السنة في اليمن والبحرين وفي السعودية، والدفاع عن السلطة أو القيادة الشيعية في العراق وفي سوريا ولبنان، والهدف هو خلق تواصل شيعي من طهران مروراً ببغداد ودمشق، وصولاً إلى ضاحية بيروت.

للصراع الشيعي – السني صبغة قومية؛ إذ لا يمكن تجاهل أن ما يجري هو مسعى من إيران لزيادة نفوذها في دول كلها عربية. ويمكن أن نجد صدى لهذا النزاع القومي في الانقسامات الداخلية الشيعية في العراق خاصة، حيث توجد مدينة النجف، التي كانت تعتبر المدينة الأولى من حيث الأهمية بالنسبة للشيعة، لكن حالياً حل محلها مدينة قُم الإيرانية.

الدافع الثاني لتبرير الترويج للتقارب بين كيان الاحتلال والدول العربية هو مخاوف الدول السنية من تهديد الأفكار المتشددة التي يعتنقها تنظيم داعش، لكن التنظيم ينشط أيضاً في سيناء وليبيا، ولديه حتى فروع في إفريقيا وأوروبا، كما تدل على ذلك عمليات الإرهاب المتكررة. يشكل اتساع حجم عمليات التنظيم تهديداً للدول السنية؛ لأنها في نظره العدو الأول. ويُعتبر التنظيم في مصر العدو الأول بسبب انتشاره في أجزاء من شبه جزيرة سيناء وفي الأردن والسعودية يهدد "داعش" النظام من الداخل، نظراً لوجود أجواء مؤيدة له بين أقسام مختلفة من السكان. وحتى لو نجح الائتلاف الذي يحارب التنظيم في تقليص المناطق الخاضعة لسيطرته في العراق وسوريا، وعلى الرغم من أنه حالياً يلاقي صعوبة في المحافظة على زخمه بعد سلسلة نجاحات مهمة، فإن الفكرة التي يشيعها التنظيم تهدد كثيراً الدول السنية.

"تقزم" الدور الأميركي في المنطقة واحد من العوامل التي تروم السياسة الإسرائيلية تضخيمها لتخويف الدول العربية ودفعها إلى التحالف معها، ينبع من الإحساس بأن الولايات المتحدة تخلت عن أصدقائها في المنطقة في الوقت الصعب، وأنها تنوي أن تقلص كثيراً تدخلها في المنطقة. وتستند هذه المخاوف في مصر إلى التخلي الأميركي عن مبارك، وما اعتبر بأنه دعم من الولايات المتحدة للإخوان المسلمين. أما في السعودية ودول الخليج، فالإحباط نابع من اعتبارهم الاتفاق النووي مع إيران بمثابة خضوع أميركي. وقد خاب أمل هذه الدول من موقف الولايات المتحدة حيال مبارك من جهة، وحيال الأسد الذي يواصل قتل شعبه من جهة أخرى، ولأن هذه الدول أدركت أن الولايات المتحدة لا تقف إلى جانبهم في صراعهم ضد إيران وتتوقع منهم التنازل عن جزء مهم من مطالبهم.

تبحث هذه الدول العربية من منظور التحليل الإسرائيلي عن طرف يستطيع أن يقدم لها المساعدة في هذا الوقت. وكيان الاحتلال هو الكيان الوحيد المستقر (إلى حد ما) في المنطقة كلها وهو كيان يتمتع بالقوة العسكرية ولديه الحافز للدفاع عن مصالحه من دون كوابح دولية أو إقليمية، ما تعتبره الحكومة الإسرائيلية الأساس لشبكة العلاقات الجديدة الآخذة في التطور بين كيان الاحتلال وبين بعض الدول العربية، التي هي دول تقليدية تحافظ على الوضع القائم وموجودة في منطقة لا تتوقف عن التغير، وتبحث عن مرساة من أجل تحقيق الاستقرار.

من أجل التوصل إلى تقدم حقيقي في العلاقات التي يروج كيان الاحتلال لوجودها ونموها، يجب أن يتم التعاون على حل الملف الفلسطيني الذي يشكل عقبة أمام مثل هذا التعاون الذي يتمناه كيان الاحتلال، فعلى فرض وجود هذه العلاقات ونموها، هناك حرج رسمي عربي من الاعتراف بها في كثير من البلدان العربية؛ لذلك يسعى كيان الاحتلال إلى تبريد الملف الفلسطيني ومحاولة تأخير الخوض في الملفات الشائكة من قضايا العودة والقدس والانسحاب من المستوطنات وتفكيكها، وإن كانت هناك مطالبات بالإقدام على مثل هذه الملفات لتقديم مبررات للرأي العام العربي لقبول مثل هذا النوع من العلاقات مع كيان الاحتلال.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد