شاهد على سقوط الموصل 1/3

استمر حظر التجوال وكان الجانب الأيمن من المدينة ساحة للحرب، الكل كان مستغرباً أن المعركة لم تحسم، إذ كيف لـ400 شخص أن يصمدوا بوجه جيش تعداده 20 ألف شخص؟!

عربي بوست
تم النشر: 2016/08/01 الساعة 04:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/08/01 الساعة 04:34 بتوقيت غرينتش

ليلة سقوط الموصل بيد "داعش" وسيطرتهم عليها كان مشهداً درامياً مكتمل الأركان، قد لا تغيب عنا تفاصيل ما حدث بعد ذلك، لكني أريد أن أعود بذاكرتكم إلى تلك الأيام التي سبقت هذه الليلة، وإلى اللحظات الأولى من تلك الحادثة، كشاهد من أرض الحدث.

الجميع كان متوتراً تلك الأيام فكانت السنة الدراسية على وشك الانتهاء، ذهبت أنا وأصدقائي لمراجعة أحد الامتحانات النهائية للجامعة، وفي طريق الذهاب كنا نتناقش كيف سنقضي العطلة الصيفية!.

"داعش تدخل مدينة سامراء وتسطير على أغلب أحيائها" كان هذا الاتصال من والدتي الذي كان كفيلاً بأن ينهي الجو الدراسي الذي كان موجوداً، بدأت الاتصال بأقربائي لأسألهم ماذا حدث؟ كان أغلبهم يقول نفس الكلام "استيقظنا على أصوات المدافع والانفجارات".

تفاجأنا بصاحب المقهى يخبرنا أن "حظر تجوال على مدينة الموصل" كانت هذه الأنباء تتوارد في الساعة العاشرة، فأخبرت أصدقائي "شباب هيا بنا نعود الآن الأوضاع متوترة جداً" بدأنا رحلة العودة، ولكن الجسور كانت مغلقة.

كانت الفوضى تدب في أرجاء المدينة، وصلت إلى البيت بعد أربع ساعات من السير، وكانت الساعة الثانية ظهراً، أما أفراد عائلتي فوصلوا إلى البيت بأوقات مختلف من ذاك اليوم، كان هذا في الخامس من شهر يونيو/حزيران.

"أيام معدودة وتنتهي هذه الفوضى"، كان هذا كلام أغلب الناس؛ لأن هذه الحادثة لم تكن الأولى، إذ حصل هذا قبل سنة، جلسنا نفكر ماذا سنفعل وكيف سنكمل امتحاناتنا فكان كلام أبي صارماً ذلك اليوم: "الكل يذهب يقرا غداً سوف ينتهي كل شيء"، أتمنى لو كان كلام والدي صحيحاً.

استمر حظر التجوال وكان الجانب الأيمن من المدينة ساحة للحرب، الكل كان مستغرباً أن المعركة لم تحسم، إذ كيف لـ400 شخص أن يصمدوا بوجه جيش تعداده 20 ألف شخص؟!

استمرت المعارك في الجانب الأيمن من المدينة، لذلك لم يجد السكان بديلاً عن ترك بيوتهم والنزوح باتجاه الجانب الأيسر، كان التكافل الاجتماعي حاضراً في أحلك الضروف؛ إذ كان مجموعة من الشباب يخرجون لمساعدة العوائل النازحة بشتى الطرق المتاحة، وكنت أتذكر وجوههم التي يغلب عليها الخوف، كأنها خرجت من الموت إلى الحياة، ولن أنسى دعواتهم بأن يفرج الله هذا الكرب، بقينا على هذا الحال لمدة يومين حتى التاسع من الشهر يونيو/حزيران.

نقطة التحول في المعركة كانت استهداف قوات "الجيش" بصهريج ماء مفخخة، هذا الانفجار أدى إلى مقتل قائد قوات "سوات"، وبعد ذلك في المساء شاهدت أرتالاً عسكرية تتحرك من الجانب الأيسر إلى الجانب الأيمن واستغربنا من حجم الرتل العسكري.

قررت العودة إلى بيتنا في الساعة العاشرة بعد الاتصالات الملحة من والدتي، في طريق العودة مررت بأحد المحلات الموجودة على الطريق، وكان صاحبه يقول: "سوف يسيطرون على المدينة خلال أيام قليلة"، خرجت من عنده وأنا مستنكر، وقلت في نفسي، لماذا هذا التشاؤم من قِبل الناس؟

بعد وصولي إلى البيت بدأت بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي لأكون على اطلاع على واقع الحال، فكان الخبر الذي صدم الجميع، "داعش تسيطر على محافظة مدينة الموصل"، قللت من شأن هذا الخبر إذ هي تعد قريبة من مركز المدينة وكل شيء سوف يكون على ما يرام.

المفاجأة كانت "داعش تسيطر على الجانب الأيمن من الموصل" كان هذا ما نقلته مواقع التواصل وبعض القنوات، لم يكن الناس يعرفون ماذا يحدث، أصبح الجميع محللاً سياسياً ذلك اليوم، كان هذا في الساعة الثانية عشرة تقريباً.

فجأة بدأ إطلاق نار من قِبل قوات الجيش حيث كانت هناك سيارة اخترقت حظر التجوال، فبدأت بالصراخ "سيارة مفخخة ابتعدوا عن الشبابيك"، ونكمل في تدوينة لاحقة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد