منذ نشأة الجنيه الورقي في أواخر القرن التاسع عشر، شهد مراحل عديدة.. فكانت البداية في عصر الخديوي عباس حلمي الثاني، وتقرير أن يكون لمصر عملة وطنية ويخرج الجنيه المصرى للوجود بعد أن كان بمصر عملات من جميع أنحاء العالم، فوكل للمسيو رفائيل سوارس، مهمة إنشاء البنك الأهلي والذي منحه امتياز إصدار أوراق النقد المصري لمدة خمسين سنة، ويصبح البنك الأهلى بنك الحكومة المصرية وقامت الحكومة بمنحه امتياز إصدار البنكنوت الورقي، فقام بإصدار الجنيهات المصرية الورقية، فكان إعلان ميلاد الجنية يناير 1899.
لكن تفاجأنا منذ أيام بقرار البنك المركزي بطرح الجنيه الورقي للتدوال في السوق بعد غياب دام خمس سنوات، واتجاه لرفع العملة المعدنية من السوق، حيث تقرر طرح 500 مليون جنيه ورقي في السوق، دون أن يطرح أسباب واضحة ترددت شائعات عقب ذلك القرار بشأن وجود محاولات لتجميع الجنيه المعدني لإعادة استخدامه في صناعة الهدايا والميدليات، كما تم تداول شائعة أخرى بأنه تم تهريب نحو ملياري جنيه معدني مزيف لتداولها في السوق، إلا أن هذه الروايات لم تجد من يؤكد صحتها من عدمه، وفي هذا الصدد نفى الدكتور رشاد عبده خبير الاقتصاد الدولي، ورئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية والسياسية، الشائعات التي راجت بخصوص حدوث حالة تضخم في السوق..
وأشار إلى أن عودة الجنيه مرة أخرى لن تؤثر على حركة الشراء والبيع داخل السوق، إن تكلفة إصدار الجنيه الورقي الذي تصدره مصلحة صك العملة التابعة لوزارة المالية، 75% من إجمالي قيمة العملة، بينما لا تتجاوز 50% بالنسبة للجنيه الورقي، مما أدى لاضطرار الحكومة اللجوء للجنيه الورقي، إذاً لا ضرر من عودة الجنيه الورقي مرة أخرى للشارع المصري، وخاصة إذا كان ذلك لسبب وجود أزمة توفير المعدن، حيث إن ما يهمنا أنه لا فارق بين الجنيه الورقي والمعدني، ولكن يبقي أمام الحكومة المصرية عدة تحديات اقتصادية معضلة منها أزمة الدولار الذي وصل سعره بالسوق السوداء لـ 13.50 جنيهاً وأزمة الزيادة السكانية المتسارعة، والفقر والبطالة اللذين هما أساس أغلب المشكلات التي تمر بها مصر.
وفي هذا الصدد قالت الدكتورة يمن الحماقي، رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة عين شمس، إن التحدى الأكبر الذي يواجه الرئيس السيسي هو البطالة، لافتة إلى أنه عند وجود تحديات اقتصادية كثيرة مثل الذي تواجهها مصر، فالقضاء على مشكلة البطالة هو بداية حل هذه المشاكل، نظراً لارتباط البطالة بالفقر، وتهديدها للأمن القومي. وأوضحت أن أعلى نسبة من العاطلين في مصر هم حاملو الدبلومات وخريجو الكليات النظرية، وأكدت إذا تم القضاء على البطالة من خلال تشغيل الخريجين، سيؤدي إلى تشغيل المصانع وزيادة الإنتاج وتقليل الاستيراد مع زيادة الصادرات، بالإضافة إلى زيادة القوى الشرائية، مما يقلل نسبة التضخم. وترى أنه لا بد من عمل تدريب وتأهيل لرفع الكفاءة الإنتاجية مع المتابعة والتقويم المستمر، من خلال مراكز تدريب لتأهيل وتدريب الشباب ليكون ذات مهارة كافية ليحصلوا على العمل المناسب مع التقويم المستمر لهم، إلى جانب الاهتمام بالمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، مع تدريب الشباب على الصناعات؛ لاكتسابهم الخبرة المطلوبة وتأهيلهم لسوق العمل مع إمكانية تسويق منتجاتهم..
أما بالنسبة لأزمة الدولار وحلها فيعكف البنك المركزي على إدارة موارده من النقد الأجنبى بشكل يلبي الالتزامات القائمة عليه ويحافظ على قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، وهو ما يصفه البعض بالمعادلة الصعبة في ظل تراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي وتقلص موارده. وتوقع محللون استمرار أزمة الدولار خلال العام الجاري، مشيرين إلى أن معظم المؤشرات توضح أن تقييم الجنيه مبالغ فيه، والتطورات الأخيرة لأداء العملة تثير مخاوف بمزيد من العجز في ميزان المدفوعات في الأشهر المقبلة.
وهكذا تبقي الكرة في ملعب الحكومة المصرية للسيطرة على الوضع قبل فوات الأوان.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.