لماذا تقاتل إيران في سوريا والعراق؟

يظهر واضحاً أن سياسة دائرة التدخل الإيراني في جوارها العربي قد تشكّلت منذ عقد الثمانينات وتبدو متباينة كثيراً مع طبيعة علاقات إيران الملكية مع جوارها العربي، وأنها تسير في سياق توظيف الأحداث وليس خلق الأحداث، وهذا يعني أن استعداد الطرف الآخر -والمقصود هنا الجوار العربي- وجاهزيته لأخذ دور المبادرة حاسم في تحجيم التدخل الإيراني بل ومنعه مستقبلياً.

عربي بوست
تم النشر: 2016/07/30 الساعة 03:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/07/30 الساعة 03:21 بتوقيت غرينتش

يثير التدخل الإيراني منذ العام 2003 العديد من الأسئلة، ومع تزايد هذا التدخل خلا الأعوام الخمسة الماضية في سوريا.. أسئلة بلا إجابات.. وأحياناً إجابات متكررة حول سبب الدعم السياسي لنظام الجمهورية الإسلامية في إيران للنظام السوري. ومع التدخل العسكري المباشر للجمهورية الإسلامية في المعركة التي تدور رحاها في سوريا وارتفاع حصيلة القتلى الذين يعودون محمولين إلى طهران، زادت الحاجة وقوي الإلحاح للحصول على تفسير لقتال إيران في سوريا وكذلك العراق.

كانت التحليلات تركز على الأبعاد المذهبية والسياسية لسلوك الدولة في إيران، في هذه المقالة ثمة تفسير ربما يساعد أكثر على فهم ما تفعله إيران في سوريا يأتي على لسان أحد القادة السابقين في القوات المسلحة الإيرانية وهو يعقوب زهدي.. تفسير يعكس بالضرورة فكر المؤسسة العسكرية الإيرانية.

تركز المؤسسة العسكرية الإيرانية على بعد محوري في خلال الحضور العسكري والقتال في كل من سوريا والعراق. يتعلق هذا البعد على ما تسميه إيران بالمواجهة بين الإسلام الثوري الذي تمثله إيران وبين الإسلام السلفي "الرجعي" الذي تمثله المملكة العربية السعودية.

في تفسيره لهذه المواجهة يرى زهدي أن هناك إسلامين وأن المواجهة بين "الإسلامين" كان في سياق الحرب الناعمة، لكنه في اللحظة التي أدركتْ فيها السعودية فشلها في تلك الحرب فقد تحركت نحو الحرب الاستخباراتية والحرب الحقيقية. وقد َتمثل ذلك وفق زهدي في دعم الرياض لصدام حسين في حرب الثماني سنوات بين العراق وإيران.

وفي تفسيره لنتائج تلك المواجهة بين البلدين على المملكة العربية السعودية، فقد انتقلت علاقة السعودية مع إيران من المنافسة إلى العداء ومن الحرب الناعمة إلى الحرب الصلبة أو الحقيقية وأخيراً تحولت السعودية من الدفاع عن مصالحها إلى السعي للبقاء او النجاة.

تَعتبر المؤسسة العسكرية أن هدف حرب الثماني سنوات بين العراق وإيران هو إضعاف وتقسيم إيران، لكن إيران تعلمت من حرب السنوات الثماني أن من الضروري أن لا تسمح أن تحصل المواجهة مع الأعداء على بوابات مدنها، وأن تنقلها إلى أراضي خصومها؛ لأن ذلك العامل الوحيد الذي من شأنه أن يمنع أو يقلل الخسائر المادية والمعنوية في طرفها.

يظهر واضحاً أن سياسة دائرة التدخل الإيراني في جوارها العربي قد تشكّلت منذ عقد الثمانينات وتبدو متباينة كثيراً مع طبيعة علاقات إيران الملكية مع جوارها العربي، وأنها تسير في سياق توظيف الأحداث وليس خلق الأحداث، وهذا يعني أن استعداد الطرف الآخر -والمقصود هنا الجوار العربي- وجاهزيته لأخذ دور المبادرة حاسم في تحجيم التدخل الإيراني بل ومنعه مستقبلياً.

يبدو جلياً أن إيران في هذه المرحلة تعتبر المواجهة الحقيقية هي بين طهران والرياض، وأن بقية المسائل والملفات تأتي تابعة لهذه المواجهة. تكشف القراءة أيضاً مدى الضبابية التي تريد طهران فرضها على محاولات فهم سياستها وتشخيص دوافع حركتها، لكن ما هو ثابت وواضح أنها حريصة على تسجيل نقاط في سجل خصومها، كما أنها حريصة على أن تكون المواجهة مع أولئك الخصوم بعيدة عن بوابات مدنها وحدودها، حتى وإن أدى ذلك لتدمير دول كانت في لحظة ما حليفاً استراتيجياً لها مثل سوريا.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد