جرت العادة في بلادنا على الخوف من امتحانات الثانوية العامة، واعتبارها مصيبة تلحق بكل بيت، وكارثة يجب على الطلاب التعامل معها أيّاً كان مستواهم.. وهذا الخوف سببه الرئيسي هو نتيجة تلك الامتحانات وأثرها في تحديد الكلية التي يلتحق بها الطالب، فمن أجاد بها حصل على مراده، ومراد أهله، وهو الالتحاق بكليات القمة -كما تسمى- ومن أخطأ ذهب إلى أية كلية أخرى من الكليات التي تتفق أو لا تتفق مع ميوله ورغباته.
وهنا تكمن المشكلة، فربط مصير وحياة الطالب بأكملها بنتيجة امتحان، أو بنجاحه في مرحلة واحدة لهو خطأ يجب على مَن يدير العملية التعليمية التفكير في حل له في المستقبل القريب، فلكل طالب ميوله الخاصة، فمن يدرس الفيزياء والكيمياء ويحصد فيها أعلى الدرجات قد يصبح أديباً كبيراً ويظهر نبوغه في الأدب عن سائر العلوم.
وخير مثال على ذلك هو الدكتور مصطفى محمود، الذي درس الطب ونبغ في الأدب، ومؤلفاته تشهد على موهبته الفذة في الكتابة، والعكس بالعكس، فهناك كثيرٌ من الطلاب الذين نبغوا في العلوم رغم درجاتهم القليلة في الثانوية العامة.. وهذا ليس مبرراً للفشل أو للتخاذل عن أداء الواجب ومحاولة القيام بكل ما هو لازم لتحصيل أعلى الدرجات، لكنه دعوة للتفكر والتأمل في الغرض من الامتحانات والهدف الأساسي من ورائها، فيجب على أولياء الأمور عدم المغالاة في التحضير للامتحانات، وعدم بث الخوف والرعب في نفوس أبنائهم؛ لأن هذا الضغط -بجانب مرورهم بفترة المراهقة- يولِّد عبئاً مضاعفاً على نفوسهم وأبدانهم.
وبالنسبة للطالب فيجب ألا ينتابه القلق، فالثانوية العامة ليست نهاية الكون، فقط أدِّ ما عليك وقُم بواجبك فما هو كائن لك سوف يصيبك، فأرِح عقلك من التفكير والقلق، وابحث عما تحبه وتجيده وتجد راحة نفسك وعقلك فيه، وابدأ من الآن في مطالعة الكتب والقراءة بنهم، فهذا ما سيشكل عقلك وفكرك وليس ما تحشوه في رأسك من أجل الامتحان.
ولديك الآن ما لم يكن متوفراً لآبائك وأجدادك ألا وهو "الإنترنت" التي تُمكنك من تعلم كل شيء تقريباً، فبضغطة زر بسيطة تجد مصادر لا نهائية للتعلم، مثل "خان أكاديمي" و"كورسيرا" و"يوديمي"، وغيرها المئات من المواقع التي تتيح لك إمكانية التعلم دون مغادرة حجرتك.
لا تدع الخوف يقرر مصيرك ويتحكم في حياتك.. حقق حلمك واقهر خوفك!
ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.