رغم الفشل في تعريف مصطلح "الإرهاب"، إلا أن الكل يحارب الإرهاب.. أصحاب الفضيلة وأصحاب الرذيلة، الديمقراطيون والديكتاتوريون، العالم الحر والعالم العبد! .
ورغم أن زعيم كوريا الشمالية يناكف السيد الغربي، فإنه لم يوصف بالإرهابي يوماً ما.. بل إن كاسترو خصم أميركا اللدود لم يوصف بالإرهابي، ولا حتى هتلر الذي أباد اليهود لم يسعده أعداؤه بمنحه لقب إرهابي!.
في بورما تتم إبادة جماعية ممنهجة لمسلمي الروهينغا ولم يبد العالم أي امتعاض ولا حتى بنكهة إرهابية، وفي الصين تمنع السلطات المسلمين من إقامة شعائرهم التعبدية حتى في رمضان والأمين العام للأمم المتحدة لم يبدِ حتى انزعاجه من وضع الحريات العامة في الصين، والمحاكم الغربية تصدر أحكامها بمنع الحجاب رغم تأكيد أحكامها وتشريعاتها على احترام الحريات الشخصية للمثليين!.
لا تتحرك أساطيل الدول الكبرى إلا لمحاربة الإرهاب، ولا تقلع الطائرات الحربية الغربية إلا لدك معاقل الإرهاب، ولا تقدم المعلومات الاستخباراتية والدعم اللوجستي إلا لوأد الإرهاب.. هذا العدو الخفي الذي يتخيل ملامحه ومواصفاته صناع القرار كل وفق حساباته ومصالحه.
بل تستطيع بعد رؤية واقعية للأحداث الجارية أن تحصر ازدهار مصطلح الإرهاب في منطقة الشرق الإسلامي أو ما يسمونه "الشرق الأوسط".
أما الشيشان وطالبان والبوسنة والهرسك فيمكن أن تضفي لتعريف مصطلح الإرهاب مسحة إضافية تأكيدية بأنه ذو طابع وصبغة إسلامية، أو على الأقل أن كل مسلم قابل لأن يكون إرهابياً.
خراب العراق وأفغانستان وعدد الضحايا المهول لا يوصف بالإرهاب، بل السياق التاريخي يحدثنا أن الحكومات الغربية قد استخدمت المسيحية لمآرب سياسية وغزوات استعمارية وحملات صليبية وإبادة جماعية، بل إن فتكها بشعوب الأرض لا يعادله ظلم في تاريخ العالم كله، ومع ذلك لم توصف المسيحية يوماً بالإرهاب.
حدّث ولا حرج عن إلقاء القنبلة النووية على هيروشيما ونجازاكي عام 1945 الأمر الذي أدى لوفاة ما يقرب من 150 ألف شخص، ومع ذلك لم يعتذر الرئيس أوباما خلال زيارته الأخيرة لمدينة هيروشيما.
وخلال حرب فيتنام، قامت الولايات المتحدة برشّ 12 مليون جالون من العنصر البرتقالي (مبيد أعشاب سام) على مناطق في فيتنام وكمبوديا ولاوس، لرفع الغطاء عن الفيتكونغ (الحركة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام) ومقاتلي شمال فيتنام، ومن أجل إبادة المحاصيل الزراعية أيضاً، ومنذ ذلك الحين، قدّر الصليب الأحمر في فيتنام أن حوالي مليون شخص يعانون من الإعاقة أو مشاكل صحية بسبب التعرض لهذا المبيد السام، فهل يجرؤ أحد على وصم أميركا بالإرهاب.
ومن نافلة القول أن التقارير تشير إلى أن 120 مليون دولار تنفق سنوياً في الولايات المتحدة الأميركية لصناعة الإسلاموفوبيا، بمعنى أنها صناعة وليست ظاهرة، والتمويل يأتي من المنظمات الصهيونية واليمين المسيحي المتطرف [وليس الإرهابي]، فمصطلح الإرهاب حكر على المتطرفين الإسلاميين وحدهم.. ومحور التهمة يدور حول فكرة أن داعش وأمثالها ليست هي الإرهاب، بل المسؤول عن ذلك الإسلام نفسه بما حوت نصوصه من حث على العنف ودعوة إلى قتال الآخرين.
ويشير تقرير صدر مؤخراً عن مؤسسة فريدوم هاوس إلى أنَّ رُهاب الإسلام المتنامي في أوروبا يهدّد الديمقراطية. هذا التقرير قدّم صورة قاتمة لحالة القيّم الليبرالية في أجزاء من أوروبا، وسلّط الضوء على عدد من الاتجاهات المقلقة في 29 بلداً في أوروبا الشرقية والوسطى، وكذلك دول الاتحاد السوفيتي السابق في آسيا الوسطى.
وعلاوة على ذلك، وجدت دراسة أجراها مركز "غالوب" عام 2015، أنَّ 38 % من الأميركيين يرفضون التصويت لمرشح مسلم "مؤهل تأهيلاً جيداً" لرئاسة الولايات المتحدة. كما أظهر العديد من البريطانيين موقفاً مماثلاً عن طريق التعبير عن وجهة نظرهم بأن الإسلام هو "تهديد للديمقراطية الليبرالية الغربية".
ولمصطلح الإرهاب سمة انتقائية، فبشار الأسد لا يندرج في قوائم الإرهابيين، بل في مقابلاته الإعلامية الأخيرة ينفي أنه طاغية، بل هو محارب شجاع يدحر الإرهاب في بلده، وهذه التصريحات تروق للمجتمع الغربي؛ لذلك عقبت افتتاحية جريدة التايمز على مقابلة إعلامية له مع إحدى القنوات الفضائية بالعنوان "أكاذيب صريحة".. وقالت: إن هدف الأسد من المقابلة هو إقناع أصحاب الذاكرة القصيرة في منطقة تموج بالعنف بأنه هو الزعيم الذي يمكن للعالم الأوسع أن يتعامل معه.
فيا عقلاء العالم أفيدونا تحديداً: ما هو الإرهاب؟ ومَن هو الإرهابي؟
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.