(1)
كانت إجابتي عن سؤال قناة العربية في أخبار الثامنة مساء اليوم، حول تهديد النظام الإيراني باجتياح كردستان العراق: نعم المواقف العدائية لإيران ليست جديدة، وهناك تهديدات جدية للإقليم بذريعة انطلاق المعارضة الكردية الإيرانية منه؛ حيث المواجهات مستمرة بينهم وبين القوات الإيرانية منذ أيام، والهدف الرئيسي لحكام طهران ومراكز القوى المذهبية في بغداد وبعض الأحزاب الكردية المتواطئة في هذا الوقت هو مواجهة إرادة شعب كردستان العراق وسعي رئاسة الإقليم لإجراء الاستفتاء حول حق تقرير المصير، وكمثال آخر للتهديدات المباشرة قيام النظام الإيراني بتشييد قاعدة صواريخ على الحدود بالقرب من حلبجة وسيد صادق وضمن أراضي الإقليم الكردستاني.
(2)
يؤكد رأس النظام في لقائه مع تلفزيون "إس بي إس" الأسترالية (1 – 7 – 2016) أن "هناك دولاً تعارضنا علناً وتتعاون معنا سراً بإرسال خبرائها لمحاربة جماعات مسلحة داخل سوريا"، ومن الواضح للعيان أن على رأس تلك الدول أميركا، التي أرسلت مئات الخبراء إلى سوريا من خلال قوات "ب ي د"، أو سوريا الديمقراطية، وفي التاريخ ذاته وتأكيداً على ما ذهب إليه رئيسه يصرح النائب في برلمان النظام شريف شحادة للصحفية الكردية روزهلات أوسي بتأكيده لتصريح محافظ الحسكة حول تقديم الدعم العسكري والمالي، وحتى الرتب لقوات "ب ي د" وأن النظام يطمح إلى أن لا تقتصر علاقاته على "ب ي د" فقط، بل مع أطراف كردية أخرى، وعدم رفضه وإدانته التعاون الأميركي العسكري مع قوات "ب ي د".
(3)
لا يقتصر جهل "دي ميستورا" على أعداد الكرد السوريين فقط، بل يسري على كل القضية السورية، خاصة إذا علمنا أن مصدر معلومات هذا البيروقراطي الإيطالي – السويدي: النظام والمعارضة القاصرة المتسلقة ونساؤه من المجتمع المخملي، وبشأن نسبة الكرد وبغياب الإحصائيات الدقيقة وتكتم النظم الشمولية الشوفينية فقد قمنا عام 1966 (كحزب الاتحاد الشعبي الكردي) بمبادرة إجراء إحصاء (حزبي) شمل كل المناطق، وتضمن حوالي الخمسين سؤالاً عن العدد والتعليم بين الإناث والذكور والحالة الاجتماعية في المدن والريف والمحرومين من الجنسية والأرض، وانعكاس القوانين الاستثنائية والهجرة والاعتقال، وقد كانت الحصيلة العددية للكرد مليوناً وثلاثمائة ألف، أي ما تعادل 15% من سكان البلاد، ومنذ ذاك أعلنا للرأي العام السوري والخارجي هذه النسبة الأقرب إلى الحقيقة، وقد تكون قابلة للخطأ والصواب والاجتهاد.
(4)
أولاً وآخراً كان وما زال ومن حيث الجوهر الصراع في سوريا بين عامة الشعب الطامح إلى الحرية والكرامة والتغيير من جهة، وبين النظام المستبد من الجهة الأخرى، وهو تناحري ولن يتوقف حتى يحقق الشعب أهدافه عاجلاً أم آجلاً، وعلى هامش الصراع الرئيسي أراد الخارج تجيير القضية السورية لتحقيق مصالحه، فكان الصراع على سوريا من أجل المصالح، وهو قابل للتهدئة والمساومة وحتى التوقف، ويأتي التقارب الراهن بين الأطراف الخارجية المعنية في هذا السياق، أما أن تحذو مجموعات سورية (محسوبة) على المعارضة حذو الخارج فيعني أنها غير معنية بالصراع الرئيسي وخارج دائرة الثورة.
(5)
على سيرة بوادر مصالحة تركية – روسية قادمة، فإن السوريين في محنتهم وخذلان الآخرين لهم أكثر من يتابعون حركة الصفقات والمصالحات بين الدول المعنية بملفهم وأوائل المتأثرين والنادبين لحظوظهم إلى درجة حمل هموم الغير أيضاً، وعندما وعلى سبيل المثال يحصل تقارب تركي – إيراني، أو تركي – روسي، وقبل ذلك سعودي وخليجي – روسي ينتابهم القلق خوفاً من تآمر جديد، وكأنهم يخسرون أصدقاء، والحقيقة هي أن الدول تبحث عن مصالحها أولاً وتالياً، وأن المساحة بدأت تضيق في شأن البقية الباقية من المصالح المشتركة التي تربط قضيتهم مع الأطراف الدولية الأخرى، وأن الدافع الآخر والأهم كما أرى لتوجه الدول (من أصدقاء الشعب السوري وهي بالمناسبة حليفة لواشنطن) نحو روسيا هو الانتقام من إدارة أوباما التي تتخلى ليس عن أصدقائها بل عن مبادئ دولتها أيضاً.
(6)
نحن شعوب الشرق المغلوبة على أمرها المنقسمة على بعضها والمجزأة جراء ممارسات الغرب منذ أن كانت الشمس لا تغيب عن مستعمرات (بريطانيا العظمى!) لا نعلم ما يدور في الكواليس الخفية ولم نعلم ما دار في مؤتمر "دريسدن" من جانب الحكومة الخفية التي تتحكم بمصائر الشعوب، كل ما نعلم أننا ندفن ضحايانا كل ساعة بأحدث أسلحتهم الفتاكة، وأن الخطوة الإنجليزية في الخروج من الاتحاد الأوروبي انطلقت من مصالح الدولة العميقة العريقة في الاستغلال والعنجهية القوموية وكره الآخر المختلف، وليس (كحق تقرير المصير) كما يحلو للبعض وصفها؛ لأن ذلك الحق يقتصر على تحرر الشعوب والأرض البريطانية لم تكن محتلة من أوروبا، بل إن الإنجليز هم من يحتلون (اسكتلندا وأيرلندا)، والكثير من الجزر والمناطق الأخرى، ولا ننسَ هنا العقيد البارون (مارك سايكس) المهندس الفعلي لتقسيم شعوبنا قبل قرن، وعداءه السافر لحرية الشعوب وخاصة الشعبين الكردي والفلسطيني.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.