ولئن سألتهم ليقولن نحارب الإرهاب!

تمر الأيام ونجد أن سنين قد مضت على الفاجعة على سرقة وطن وتشريد أبنائه وضياع مقدراته، ومع مرور الأيام يراهن السارق على النسيان، يراهن على أن آلة قمعه قادرة على سحق الأصوات وحجر الأفكار وبسط النفوذ والسلطان، بعد أيام يكون الانقلاب قد أتم عامه الثالث

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/27 الساعة 07:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/27 الساعة 07:23 بتوقيت غرينتش

شاب مصري وسيم في أواخر العشرينيات يخطو بخطى ثابتة داخل مبنى الرايخستاغ في برلين؛ حيث مقر البرلمان الألماني "البوندستاغ"؛ ليكون بذلك أحد الشباب المصريين القلائل الذين يحصلون على هذه المنحة للدراسة والبحث والتي تقدم من البرلمان الألماني للمتميزين من الشباب، يدلف إلى المصعد، وقبل أن يغلق أبوابه لحقت به سيدة ومساعدها على عجلة من أمرهما، ينظر الشاب فيتبين أنها "هي" المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في طريقها إلى قاعة البرلمان، وبشجاعة مفرطة ألقى عليها التحية وناقش معها في جمل واضحة ولغة متمكنة بعضاً من رسائل يحملها عن قضايا أمته.. أنجز الشاب المنحة وانهالت عليه العروض للبقاء بألمانيا لاستكمال الدراسة والمكوث هناك، ولكنه أصر على العودة إلى جامعته "جامعة الأزهر"؛ ليكمل دراسته بها وينقل ما تعلمه لطلابها، ولكن الوقت لم يسعفه فبعد عودته بشهور اعتقلته قوات الأمن بتهمة اغتيال النائب العام!!

قدم زملاؤه ما يثبت وجوده في ألمانيا أثناء حادثة الاغتيال أصلا، ولكن لا أحد يستجيب، أحمد مصطفى فلتعرفوا هذا الاسم جيداً، ففي يوم من الأيام سيكون محط أنظار الجميع، تخرج أحمد في كلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر، فكان الأول على دفعته والقسم والكلية والجامعة، أي أنه حقق المركز الأول على 45000 طالب وطالبة، وعُين بعدها معيداً بكليته؛ ليبدأ مسيرته العلمية المتميزة، ولكن طالته يد الظلم لتحطم مستقبل شاب واعد، ستزول الغمة ويخرج أحمد ومثله من الشباب كثير طالتهم يد الظلم فقتلوا وسجنوا وعذبوا..

بأي ذنب قتل؟ بأي ذنب سجن؟ بأي ذنب عذب وامتهن؟ جيل من الشباب ينكل به الآن في مصر فقط لأنه حلم يوماً بالحرية، فقط لأنه نادى يوماً بالعدالة والديمقراطية.. أراد أن يرسم للأوطان لوحة الأمل بريشة السلمية.. فصادروا الحبر والأوراق وأعلنوا الفكر إرهاباً واستنجدوا بالبدلة العسكرية…
يا أهل مصر أوَلم يأتكم نبأ قوم نزلوا أرضها استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، فضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله، يا من تتنطعون اليوم على أرضها ظناً بأنكم تحكمون فلتضحكوا قليلاً ولتبكوا كثيراً فقريباً سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون… يا من تأكلون على كل الموائد وبكل واد تهيمون… يا من أطلقتم السحرة على الناس في صورة نخبة ورجال فكر وإعلاميين يتبعهم الغاوون… حتماً ستندمون.. فلن يفيد بعد أن تفككوا ألواح السفينة أن تصطرخوا!!

تمر الأيام ونجد أن سنين قد مضت على الفاجعة على سرقة وطن وتشريد أبنائه وضياع مقدراته، ومع مرور الأيام يراهن السارق على النسيان، يراهن على أن آلة قمعه قادرة على سحق الأصوات وحجر الأفكار وبسط النفوذ والسلطان، بعد أيام يكون الانقلاب قد أتم عامه الثالث، ولكن يأتي وقد تغير وجه مصر، ولن أخوض فيما هو جلي من تهاوٍ للاقتصاد أو تردٍّ للحالة الأمنية أو خسف بمقام مصر بين دول العالم وتراجع لم تشهد مثله البلاد من قبل، ولكني أراني متشبثاً بأبناء جيلي أريد أن أصرخ عنهم جميعاً، أبوح بما يشعرون به من قهر وعدوان، أصرح بأنهم من لبث منهم في السجن بضع سنين ظلماً لن يخرج منه يوسف مفسراً للأحلام، من فقد أباه أو أخاه أو صديق صباه، من قتلت فيها روح البراءة فشعرت بأنها لم تعد فتاة، لم ترفق الأيام أبداً بهذا الجيل كما لم ترفق بالوطن، فسلطت عليه سلة خائنة تبيع أرضه لتشتري به ما يزيد بقاءها يوماً أو بعض يوم.

أحمل على عاتقي مسؤولية أن أنبه كل عاقل حريص على هذا الوطن، أن أهمس في أذن من له بقية من ضمير #أنقذوا_الشباب، لا تدعوا عاماً آخر يأتي علينا وحال شباب مصر هكذا، فالسجون لا تصنع نجباء، فلا تدعوا الفكر يتشكل تحت سياط التعذيب، وتنتظرون خيراً، فالتجربة خير دليل، نحن نتحدث عن جيل صغير العمر يترك الآن فريسة لأفكار ستودي بهذا الوطن إلى الجحيم، علينا الآن أن نختار بين هذا الجيل الذي قاد ثورة يناير/كانون الثاني برقي شهد له العالم، أو أن ننتظر جيلاً شكلته قسوة السجون وبؤسها، فلا نعلم أي طريق يسلكون!!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد