هل يفعلها الإخوان بـ”رمضان”.. ويرحمون مصر وأنفسهم؟!

هلا رحمتم أنفسكم من إفنائها في التيه واستبدال الله بكم.. وكنتم عباد الله إخواناً لجمعكم ثم لأهل بلدكم والأمة.. وكفى ما كان بينكم وجر عليكم شرار الأرض.. أفلا تحققون أمل عقلاء العالم فيكم، فلعل الله يتقبل مني:

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/03 الساعة 05:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/03 الساعة 05:01 بتوقيت غرينتش

أيام قليلة ويشرق على هذا الوجود شهر رمضان المبارك، فللّه دَرُّ أيام كانت مصر كلها لحُمّة ونسيجاً ورحماً وأفقاً واحداً تشرق عليه الشمس، وكان غير المسلم قبل المسلم يبادر إلى السلام والمباركة بالشهر الكريم، وكان كبار السن من المسيحيين يُوصون الصغار بعدم تناول الطعام في الشارع حرصاً على مشاعر إخوانهم المسلمين، بل كان منهم الذين يتعمدون الصيام معنا كنوع من المشاركة، وفي الناس من كان يفعل غير هذا، ولكن تذكر الخير هنا أولى.

أتى علينا زمان، يا مصر، صرنا نتشهى عادي الحياة، واللحظات واللفتات "الطبيعية" فلا نجدها، والأزمة الأشد أن المتهورين الحمقى ممن جروا بلدنا إلى حافة الهاوية لم ينجحوا في إسقاطها، كما أن العقلاء من أبناء وطني لم ينجحوا في الإبقاء عليها في مكانها، وصارت "مصر" طرازاً فريداً بين بلاد الأمة العربية والإسلامية، تغاير فلسطين، وأفغانستان، والعراق، وسوريا، بل ليبيا واليمن، فلا بلادي لا تزال متماسكة كبقية البلدان العربية الإسلامية، ولا هي في تمام "ملحمة" كبلدان لها "عبق" الوجه الآخر للثورة، ولعل هذا من رحمة ربي الذي يدخر لمصر دوراً رائداً في نهضة ورفعة الأمة عربية وإسلامية، ولكم تمنيتُ عليه تعالى أن أرى وجيلي هذا بعينيّ.. ولكن لله في خلقه شؤون.. سبحانه!

1

لا يقبل الله في شهره الكريم المعظم المبارك الصيام من متشاحنين، وقد كان الإخوان، ولا أخفي الله واضحة، والأصابع التي تعيب عليهم هي التي تحفظ لهم حقهم، وصدق الشاعر:

شهِد الله ما انتقدتُكَ إلا ** طمعاً أن أراكَ فوق انتقادِ

هؤلاء كانوا ألق بلادي، وقائدها إلى الخير والرشاد، نشروا أنفاس الرحمن والقرآن بين ربوعها، أصلحوا بين المتخاصمين، داووا المجروحين، وكانت لهم أخطاء باهظة وخطايا بحسن الظن أحياناً، وباندساس الذين "ساقوهم" إلى الهلاك بحسن نية أحياناً، وبغيرها أحياناً أخرى لكن..

فمَنْ ذا الذي أفهم السادة من الإخوان أنه يصح لهم أن يصوموا في "الغربة" على هذا النحو؟

والقيادات التي فعلت ما فعلت، وأخطأت وارتكبت ما ارتكبت من قرارات، فليس هذا أوان المراجعة، وليس الآن سياق التصحيح، وإن احتجناه في غير هذا للتأسي والخطو للأمام.

إن الكلمات تنساب من قلب محب لكم، غيور عليكم، ممتلئ بالحب لرب العزة، وأسأله تعالى السداد والإخلاص، وأن يجري الحق على قلبي قبل عقلي وقلبي.

مَنْ ذا الذي خدع السادة من الإخوان؟ بخاصة القيادات، وأفهمهم أن لهم أن يصوموا في الغربة لرمضان للعام الثالث فيما بلدهم يحترق في مصر بدونهم؟

إنني أعلم أن أفراداً مخلصين في هذا الصف ليسوا شباباً فقط، بل رجالاً ونساء يتحرقون شوقاً للعودة إلى بلدهم، وتبكي القلوب منهم قبل العيون دماً؛ لأنهم يريدون أن يلقوا آباء وأمهات ورفقة وبيوتاً بل ثرى منه خُلقوا، وتمنعه تعنتات القيادات، بل إنني لأعلم أن فيما يسمى تحالف دعم الشرعية في الغربة هنا، ولا أذيع سراً من يكرهون مواقف الإخوان، وما يرونه بلبلة وزعزعة للقرارات وعدم إحسان فهم فضلاً عن تنفيذ، وإن من واحد منهم إلا فكر في مصالحة مع النظام بعيداً عنهم ثم تراجع.

كما أن قولة الحق "المٌرّة" التي لم تبق لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لا لمثلي صديقاً تقتضي أن أقول: كما أن في صف الإخوان، وبين أظهرهم، ممن يرون أنفسهم أساسيين ومنشقين بينهم وفيهم أناس لا يتقون الله تعالى، إن كانوا يعرفونه من الأساس اندسوا لمطامع وأهواء، وهم يرتكبون الموبقات بإصرار مقيت، ويلغون في مال الله والأعراض كل آن، ويتربحون من مثل هذا الموقف، ويتحالفون وينفخون في "الكير" الخاص باستمرار المحنة متضامنين مع الأغبياء، وفيهم مناضلون كنا نريد منهم أن يكونوا نبراساً للحل فانعدمت الأخلاق والنخوة من أنفسهم فصاروا المأساة تمشي على قدمين، تسرق وتدلس وتزور ولا ترعى حداً!

2


لكن ماذا بعد؟

أين العقلاء ليسمعوا نداء الحق تعالى؟

أين أصحاب الضمائر اليقظة ليفهموا؟

وصدق المُذكِّر بالمثل المصري الأصيل: "النائم في ظل اليقظان"، أي أن المصريين الغافلين الذين أعانوا الظالم على إخوانهم هم في ذمة الإخوان لا أعدائهم، يا سادة ومثل صاحب هذه الكلمات خسر أكثر من كثيرين، ولا نزكي أنفسنا، ولا نريد الجزاء إلا منه، من قال لكم أنه يصح أن تصوموا وأنتم تشاحنون أهلكم في مصر؟

أوليس ترك الكنانة للانقلاب وأعوانه يبيعونها ويعيثون فيها فساداً قمة التشاحن؟

أولم تكونوا "البكتيريا الحميدة" التي تنقي المجتمع المصري من أدرانه فآثرتم الانسحاب منه وتركتموه للبكتيريا "الخبيثة" تأكل فيه كل آن؟

أولم يُعرض الصلح عليكم مرات فأبيتم إلا ركوب الأهواء والعودة إلى ما كنتم عليه؟

وكنا نحب للمسار الديمقراطي الاستمرار في مصر، ولكن علم الله فيكم ضعفاً فسلط عليكم الذين اخترتموهم ليُجلوكم عن السياسة، فتركتم مصر والمصابين والمعتقلين والمضارين وعلى قمتهم أبناء الشهداء وتفرغتم للنزاعات في الخارج والانشقاق.. وصرتم جماعتين داخل كل جماعة جناحان على الأقل، وآلمنا ظهور الفساد يطل برأسه من هذا وذاك.

3


أفلا تقوموا لله مثنى وفرادى، أفلا يراجع أصحاب الضمائر أنفسهم، ولا يضيع حق بين فرد واثنين؟

ماذا تريدون من مصر بالضبط؟

باختصار المسار الثوري ليس من أدبيات ولا آليات الجماعة، تريدون إقراره فليكن بعد عودة للأساس الذي توهتم بداية منه، ثم إنكم لم تقتصوا من قتلة الإمام الشهيد حسن البنا عام 1949م، ولا ممن قتلوا مئات وشردوهم في عهد الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر"، وقصة وفكرة القصاص التي يروج البعض لها بخبث نية، وأحياناً بإحسان وهم قليلون في جانب "النية" الأول، لا مكان لها عملياً، وأعرف مروجين لحمل السلاح "يطنطنون" به ليل نهار وواحدهم لا يستطيع حكم "أهل بيته" فيريد حكم الأمة.

لن تستطيعوا القصاص من أحد مهما طال الزمان، وهذه حقيقة يقول بها العقل لا "طنطة" العاطفة والعاطفيين، ويقولها لكم "مضار" في دم، تقبل الله قربان "صاحب بالجنب" لي، والحلم بالقصاص والدماء هذه ما يزيدكم إلا خبالاً وإهراقاً لدم أكثر في مصر حتى الآن يُراق ويستشهد أبرياء في المعتقلات والشوارع.

وليس معنى هذا أن الله تعالى لن ينتقم للدماء، بل إن الأصل أن القاضي "صوت وسوط" لله في الأرض.. فإن لم يحكم بالحق أجراه الله برغمه، فالله مقتص للذين لم يستطيعوا القصاص.

لكن مصر تسقط ولن تقوم بدونكم فلمن تتركوها.. ولأي شيء تتركونها؟

4

يا للهزيمة النفسية!

ذريعة قاسية للبعض يقولون لكم لا حل والانقلاب هو الذي اختار، وليس عليكم سوى انتظار نصر الله يهبط عليكم في "قراطيس" من السماء، أستغفر الله، دون أن تكونوا أهلاً له أو تسلكوا طريقاً إليه من الأساس، والبعض يقول ويذكي النيران لأن لديه أموالاً تكفيه، يسرقها أو تجيئه برضا الله، والبعض لديه جنسيات أخرى فهو أقل ضيراً.. ومن المندسين جواسيس يزينون لكم القرارات الخاطئة.

لو أنكم مع بداية شهر رمضان فكرتم في العودة خشية لله تعالى، واتباعاً لأمره وهو رب رمضان نادى بترك المشاحنات فيه.

وستعودون، علم الله، إن آجلاً أو عاجلاً، بملابسات مختلفة، ربما بحسن فهمكم، أو بإجباركم.. ستعودون في رمضان ربما بعد سنوات قلت أو كثرت بنفس الشوط والملابسات القاسية عليكم اليوم، وقد كان الأمس للعودة وأول أفضل، بل كان عدم الخروج والزج بالناس من الشرفاء في أتون جحيم لا يعرف إلا الله مداه أفضل وأوجب، ولكنكم الآن يجب أن تنظروا إلى الخلف جيداً لتعلموا كيف تسيرون للأمام.

من مخلص محب للخير ولرضا الله..

اسلكوا الطريق الصحيح ودعوا عنكم وساوس الشيطان وأتباعه وأدعيائه، قدموا الخير لمصر ولأنفسكم، وخذوا خطوة للأمام، وأعرف أنه قرار صعب ولكن في أمهات الشهداء والمعتقلين من دعاكم ويدعونكم لذلك، وفي زوجاته مَنْ فعلن، ارتقوا فوق الآلام مع قسوتها وخذوا خطوة إلى الغد، وثقوا أن الله أرحم بالناس من أن يترك قاتلاً أو مجرماً بلا حساب، دعوا المجرمين لرب العباد ينتقم منهم، واستحدثوا آلية تنفضون بها عنكم شياطين الأنس والجن من المتربحين من موقفكم هذا وفي داخلكم يزينون لكم الخراب ويربحون الأموال والشهوات.

تعالوا على الجراح والآلام .. وأعيدوا لبلدكم ألقه، ولا تقولوا سيرفض الذين هناك، فلو علم الله فيكم صدقاً لوفقكم..

يا أيها الإخوان:

تكالبت الدنيا بشرارها وحقرائها عليكم.. فلا تعينوهم على أنفسكم.. ففي مصر والأمة قضايا أولى بالبناء من مجرد الانسحاب والبكائيات والارتكان إلى الأغبياء والخونة والمندسين بداخلكم..

هلا رحمتم أنفسكم من إفنائها في التيه واستبدال الله بكم.. وكنتم عباد الله إخواناً لجمعكم ثم لأهل بلدكم والأمة.. وكفى ما كان بينكم وجر عليكم شرار الأرض.. أفلا تحققون أمل عقلاء العالم فيكم، فلعل الله يتقبل مني:

(فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) سورة غافر: الآية 44.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد