فقه نفسية الأبناء لأول مرة

من الصعب على الوالدين أن يتواصلا مع أبنائهم الصغار تواصلاً يعود بالنفع علي البيت عاجلاً وعلى المجتمع آجلاً إلَّا إن فرَّغا جزءاً من وقتهما لفهم نفسية الأطفال.ولا يتسنى ذلك إلَّا بالإطِّلاع على حقيقة نفسية الأبناء ورغباتهم ومتطلباتهم سيما في مرحلة الطفولة أو فلنقل تحت سن 12، (مع فوارق المجتمعات).

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/19 الساعة 03:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/19 الساعة 03:08 بتوقيت غرينتش

من الصعب على الوالدين أن يتواصلا مع أبنائهم الصغار تواصلاً يعود بالنفع علي البيت عاجلاً وعلى المجتمع آجلاً إلَّا إن فرَّغا جزءاً من وقتهما لفهم نفسية الأطفال.ولا يتسنى ذلك إلَّا بالإطِّلاع على حقيقة نفسية الأبناء ورغباتهم ومتطلباتهم سيما في مرحلة الطفولة أو فلنقل تحت سن 12، (مع فوارق المجتمعات).

هل تعلم أن ابنك يلاحظ أكثر منك؟
هل يمكنك أن تتقبل أن ابنك قد يكون أذكى منك؟
هل يمكنك أن تصدق أنه لا ينسى كلمة قلتها له ولو مرت عليها سنون؟
هل تصدقين أن كلامك على زوجك أمام ابنتك الطفلة يبقى معها حتى تكبر وتتزوج وتستعملها سلبا؟
هل تصدق بأن سلوكياتك هي قاموس ابنك؟ فاحذر ماذا سيكون في قاموسه
هل تصدق بأن بناءك لابنك في الصغر لا يكاد يغيره كل أهل الأرض ولو فعلوا ما فعلوا؟

هذا ما ستجيب عنه التدوينة في الجزء الأول منها

الملاحظة ولون الخلفية

في يوم من الأيام أجريت تجربة مع ابني حول كرتون توم وجيري وكان عمره آنذاك ٣ سنوات، فأتيت إليه وهو يشاهد الحلقة فقلت له سأعمل اختبارا: (سننظر إلى المشهد المعروض أنا وأنت لثواني وبعدها أوقِف الصورة ولا نلتفت للتلفاز لنقول ماذا رأينا في ذلك المشهد).

وبعدما فعلتُ ذلك ظهرت المفاجأة، فقد قلت شيئا فقال آخر، فقلت الثاني فقال آخر فلما وصلنا للتعادل فاجأني بسؤاله، ما لون الجدار الذي خلفهم!
فتفاجأت وقلت: لم انتبه!

فأجاب بحماسة: لونه بني.

وبالفعل اكتشفت أنه ينظر إلى ما ليس من شأني أن انظر إليه أو انتبه له.

ومن هنا بدأت رحلتي مع مراقبة مواقع نظر وحواس ابني؛ لأني اكتشفت أنني كنت لا أعير هذه المسألة اهتماماً كافياً.

وأنت أخي، عندما تتحدث في التلفون أمام أبنائك؟ تأكد أنهم لا يسمعون الكلمات فقط بل يحللون شخصيتك وشخصية المتصل، بل وطريقة التعامل مع البشر والمجتمع من حولهم، فلو كانت سلبية لأثرت بهم سلبياً.

ثم لو دخل علي حياتهم في يوم من الأيام مُرَبٍّ فاضل وكانت شخصيته جذابة لهم واستطاع أن يؤثر فيهم ويدلهم على الصواب فستنزل قدوتك من عيونهم.


ابني أذكى..

كيف تقاس قوة الملاكمين؟
قوة الملاكمين تكمن في توافق أوزان المتلاكميْن، فوزن خفيف المتوسط يلعب مع مثله، ووزن الريشة مع مثله، والثقيل مع قرينه، ومن يفوز يتوج ببطل العالم في ذلك الوزن تحديدا، فلا ينبغي لتايسون مثلا أن يقول لنسيم حميد أنا أقوى منك ! لأنهما من وزنين مختلفين.

وهنا تبدأ قصة الذكاء النسبي بين الطفل ووالديه، فذكاء ابنك يقاس بناء على معطيات عمره واستحقاقات طفولته، وذكاءك يقاس بناء على معطيات عمرك واستحقاقات تجارِبك.

ومن هنا يبدأ حل الإشكال الموجود لدى بعض الآباء الذين لا يعيرون هذه المسألة أية انتباه ويقولون: "مجرد طفل" ولا يكترثون لتحليله، تقييمه، رأيه، اعتراضاته أو اقتراحاته بحجة أنه رأي طفل!

مما يفقد الطفل ثقته بنفسه، حتى إذا ما جاء مربي فاضل واكتشف ذكاءه وحاول أن يبعثه فيه من جديد وجد صعوبة واستحال الأمر كأنه حرث في البحر.

ولكن إن استطاع، فسأقول لك سوف تخسر الثقة بينك وطفلك، وسيُبقي حياته في المستقبل طي الكتمان عنك ولن يشاركك تجاربه ولا مواقفه لأنه يعلم بأنك سوف تتقلل من شأنها وسيكون هو المتسرع والمهمل في نظر والده العبقري ذي الستين سنة.

ابني.. هل ينسى

يقال أنه عندما كان المأمون بن هارون الرّشيد صبيّاً، ضربه معلّمه بالعصا دون سبب ..
فسأله المأمون : لِمَ ضربتني؟
قال المعلّم: اسكت ..
وكلّما سأله المأمون .
قال له المعلم : اسكت ..
وبعد عشرين سنة، عندما تولّى المأمون منصب الخلافة، أوّل شيء قام به هو أن استدعى معلّمه..
فقال له: لِمَ ضربتني عندما كنتُ صبيّاً؟
فابتسم المعلّم و قال: أَلَمْ تَنْسَ؟
فقال المأمون: و الله لم أنْس َ
فقال له المعلّم: حتّى تعلم أنّ المظلوم لا ينسى!

وهذا هو حال بعض أبنائنا، ولكن للأسف لا يأتي كثيراً ذلك المعلم بعد عشرين سنة ليقول لهم تلك الحكمة الذهبية، فيتحول الظلم وعدم التبرير لديهم إلى منهج حياة.

"يتبع"

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد