التشابه مع الباچة العراقية ومكوناتها

مباضع الجراحين لا تستطيع المضي في عملية الإصلاح ما دامت الطائفية هي التي تسيطر على تشكيل الحكومة وتعيين الوزراء أو إعفائهم، حتى أنه يتردد أن رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي قد استعان برئيس الوزراء السابق نوري المالكي من أجل إقناع وزراء محسوبين عليه وعلى طائفته بالتخلّي عن مناصبهم.

عربي بوست
تم النشر: 2016/03/31 الساعة 04:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/03/31 الساعة 04:31 بتوقيت غرينتش

الباچة (بالجيم المضخمة) أو باچة هي -بحسب موسوعة ويكيبيديا- أكلة عراقية المنشأ مكونة من زنود (أرجل) ورأس وأحشاء وحوايا الخروف المسلوقة، ويمكن أن تكون من العجول أو البقر. عرفها العراقيون منذ عقود من الزمن، منذ خمسينيات القرن الماضي، أحبّوها وتفننوا في تقديمها حتى تربّعوا على عرش (براءة اختراعها) وأصبحت الوجبة الأولى في مطاعمهم الشعبية، في الحواضر والمدن والقرى.

وطريقة تحضيرها سهلة، ولا تحتاج إلاّ لوضع تلك الأجزاء التي هي غالباً زوائد وحواشي لا تصلح للطبخ في الأكلات الأخرى، في قدْر به ماء ساخن لتلافي الدهون الزائدة، والتخلّص من رائحة الزفر. ثم يُضاف الليمون وبقية البهارات، ثم تُقدّم مع قطع خبز في شوربة ماء اللحم.

أما الأوقات المفضلة لأكل الباچة فهي في الصباح، حيث اعتاد العراقيون على أن يبدأوا يومهم في العمل بها لما يعتقدون أنها تكسبهم طاقة وتمدّهم بالكالسيوم اللازم لتقوية عظامهم. لكنهم أيضاً يأكلونها في العصر ثم صاروا يأكلونها أيضاً في الليل لاسيما بالنسبة لمن يقضون ليلهم في السهر واللهو، وذلك بالرغم من ثقلها ودسومتها و(الأخلاط) المكوّنة منها.

الباچة؛ تعدّت الحدود العراقية لتنتشر أيضاً في دول الخليج العربي، وأصبح لها ناسها ومحبّوها، وبقت تُسمى عندهم بنفس الاسم. لكنها في بلاد الشام تُعرف
بـ(المقادم) أو (القشة) وأما في مصر واليمن فتُسمّى بـ(الكوارع) ووصلت إلى أوروبا مع بعض الإضافات أو الاقتباسات لكنها في النهاية لا تضاهي النكهة الأصلية لنشأتها العراقية.

ومن أشهر المطاعم الشعبية في العراق لهذه الأكلة هو مطعم (اباچة الحاتي) الذي أسسه ابراهيم العامري عام 1935 في شارع الشيخ عمر كأول مطعم باچة في بغداد لا يزال إلى يومنا هذا هو صاحب الشهرة الأوسع في تقديم هذه الأكلة الشعبية، واستمر في إدارته أبنائه وأحفاده.

العراقيون يعتقدون أن (اباچة الحاتي) أشهر من نار على علم، ليس لأنها أول مطعم للباچة أو لعراقته وقدَمه فحسب، وإنما لأن هذا المطعم ارتاده خليط من المسؤولين والشخصيات العامة، ومن أشهرهم رئيس الوزراء العراقي في العهد الملكي نوري السعيد، وكذلك الزعيم عبدالكريم قاسم، والرئيس عبدالسلام عارف وغيرهم.

بمعنى أنه اختلطت فيه شخصيات روّاده ما بين العهد الملكي والجمهوري، وهي خلطة -ربما- لا يجيدها غير العراقيين الذين الآن حالهم السياسي لا يقلّ في الشبه عن مكوّنات أكلة الباچة من زوائد وحواشي ليست في كفاءة وجودة الأجزاء الرئيسية للذبائح، حيث يتربّع على سدّتهم السياسية شخصيات من تيارات وأحزاب ليس لهم من بضاعة الكفاءة والإنجاز سوى المحاصصة الطائفية، والتمدّد في الفساد ونهب الثروات واستنزاف الخيرات التي تنعم بها العراق قبل أن يتراجع فيها الأمن ويغيب عنها الاستقرار ويتفشى الفقر وتتردّى فيها كل سبل العيش الكريم، وينعدم الأمان والعيش على الكفاف .

وكان لافتاً أن مباضع الجراحين لا تستطيع المضي في عملية الإصلاح ما دامت الطائفية هي التي تسيطر على تشكيل الحكومة وتعيين الوزراء أو إعفائهم حتى أنه يتردد أن رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي قد استعان برئيس الوزراء السابق نوري المالكي من أجل إقناع وزراء محسوبين عليه وعلى طائفته بالتخلّي عن مناصبهم -بعدما ثبت فسادهم وعجزهم- تسهيلاً لخطة الإصلاح التي يقودها العبادي. وهي سابقة ربما لا تحدث في غيرها من البلدان لكن وجودها على هذا النحو لا يمكن تفسيره إلاّ بالتشابه مع الباچة العراقية ومكوناتها!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد