ما مدى صدق السعودية في سعيها لإنهاء معاناة الشعب السوري؟ وهل يعقل أن من سكت عن جرائم النظام طيلة خمس سنوات مضت، سيتدخل الآن ليضع حدًّا لهذه المعاناة؟ وهل يا ترى لو سيطرت المليشيات الكردية على ريف حلب مع بداية الثورة، لتأخرت تركيا في تدخلها لرفع الظلم عن السوريين؟
بعد فشل مفاوضات جنيف 3 وعجز النظام والمعارضة عن الوصول إلى أي اتفاق، شهدت الساحة السورية أحداثاً سياسية متسارعة وتطورات متلاحقة تنذر بأن أمراً ما على وشك الحدوث، حيث أعلنت مجموعة الدعم الدولي لسوريا عن خطة دولية لفرض وقف إطلاق النار، دون أي اتفاق مع الفصائل المقاتلة على ذلك، تزامن الإعلان مع تصريحات سعودية عن تدخل وشيك في سوريا، ومساندة تركية حول إمكانية التدخل البري.
وفي الوقت ذاته سيطر النظام على مناطق واسعة في ريف حلب الشمالي العصيّة عليه منذ قرابة الأربع سنوات، وسط تصعيد روسي ضد المعارضة، وقصف تركي لمناطق سيطرة المليشيات الكردية.
عاصفة جديدة:
لنعد قليلاً بالذاكرة، أشهر فقط إلى الخلف، إلى عاصفة الحزم السعودية في اليمن، فبعد تقدم حوثي انتهى بسيطرته على صنعاء، حصلت صحوة سعودية مفاجئة، توجتها بتدخل دولي في اليمن، لتدخل بعده الأزمة اليمنية بمرحلة جديدة، ترافقت مع معارك لم تنتهِ حتى اللحظة وجرائم ضد الإنسانية وسط تعتيم إعلامي، باستثناء بعض التقارير الحقوقية التي تصدر من فترة لأخرى لتفضح تلك الجرائم.
قبل قرابة عام، وتحديداً في 26 مارس/آذار 2015، أعلنت القوات السعودية بالتعاون مع تحالف دولي عن بدء عملية عاصفة الحزم ضد جماعة أنصار الله "الحوثيين" والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، ولكن تلك العاصفة لم تستطع حتى الآن أن تحسم شيئاً، ولم تستطع حتى أن تجبر أطراف النزاع في اليمن على الجلوس على طاولة حوار واحدة!
وفي 21 من أبريل/نيسان 2015، أعلنت القوات السعودية عن انتهاء العاصفة وبداية ما أسمته بـ"إعادة الأمل"، بعد أن حققت عاصفة الحزم هدفها في إزالة الخطر الحوثي عن اليمن والدول المجاورة بحسب وصفها.
الراعي الكذاب:
"حلب خط أحمر، حمص خط أحمر، لن نسمح بحماة ثانية" آلاف التصريحات الهوليودية ملأت الشاشات الكبرى منذ بداية الثورة السورية، جاءت على لسان الرئيس التركي "طيب أردوغان" ورئيس وزرائه "داوود أوغلو"، واقتصرت تلك التصريحات على كونها خطابات رنانة وأقوالاً مأثورة، دون أن تترجمها "تركيا" لأي فعل حقيقي يردع النظام عن استمراره في إجرامه، ولا أدري إن كانت تصريحاتهم حول أحداث حلب الأخيرة ستترجم لأفعال حقيقية، ولكن كل ما أعرفه هو أن كلامهم لا يختلف كثيراً عن قصة الراعي الكذّاب، ذاك الذي لم يصدقه الناس عندما جاء ليساعدهم بعد كذبه عليهم لسنين طوال.
لا أنفي فيما سبق احتمالية حصول تدخل سعودي-تركي في سوريا، تحت أي تحالف كان، ولكن أستطيع القول جازماً بأن هذا التدخل لن يحمل معه رياح التغيير التي طالما حلم السوريون بهبوها في منطقتهم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.