من المغرب الى تونس و فلسطين ..كاد المعلم ان يكون شهيدا

كفانا كذباً وضحكاً على الذقون ولنقفْ جميعاً في صف وخندق "المعلم" كي ينال حقوقه المشروعة ونعيد له الاعتبار والقيمة التي يستحقها كمربي ومسؤول إذا صلح حاله ووضعه يصلح مجتمعنا ويرتقي بعيداً عن الجرائم والتخلف وكل هذه الظواهر المشينة التي باتت تفسد حياتنا وتكدرها.

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/24 الساعة 07:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/24 الساعة 07:46 بتوقيت غرينتش

أشاهد صوراً ومقاطع الفيديو التي تزخر بها مواقع التواصل الاجتماعي و"أبطالها" أو بالأحرى "ضحاياها" هم رجال التعليم فأتذكر فوراً كلام "أمير الشعراء" وأحاول مقارنته بالوضع الآني المعاش المثير للاكتئاب والذي يبعث على الإحباط و اليأس، أين كانت مكانة "المعلم" وكيف أصبحت اليوم "كرامته" تداس من كل أطراف المجتمع وعلى رأس القائمة طبعا "الدولة" التي لا تحفظ لهم هيبة ولا تترك لهم قيمة؟

فمن أين نبدأ وبأية حالات سنكتفي و"المعلم العربي" كحال أبناء جلدته يُهان وتستباح حرماته وكرامته فور أن يخطر بباله أن يطالب بحقوقه ويحسن من وضعيته الاجتماعية التي لا تليق البتة "بمربي الأجيال" الذي يبقى "أسير" راتب شهري لا يكفي لسد رمق أسرته وأبنائه وتأمين مستقبل كريم لهم.

نعم، من الصعب أن أكتفي بحال "أساتذة الغد" في المغرب وواقعهم المزري وهم يواصلون نضالهم لإسقاط "المرسومين المشؤومين" وتجاهل حال "المعلم" في تونس الخضراء، والاثنان معاً تعرضا لأبشع أنواع القمع في الشارع وصورهما مثيرة للخجل وتبقى وصمة عار على المسؤولين في البلدين، هذا دون إغفال معاناة "المربي الفلسطيني" الذي لم يجد هو الآخر سوى الشارع ليحتضنه ويكون خير وسيلة للصراخ للمطالبة بأبسط حقوقه، أية قواسم مشتركة "مخجلة" تلك التي تجمع رجال التعليم بالوطن العربي؟

"قف للمعلم وفه التبجيلا ** كاد المعلم أن يكون رسولاً"، سنعود لما قاله "أحمد شوقي" ونبحث عنه في واقعنا الكارثي المأساوي حين أضحى كل المعلمين "مشاريع شهداء" للتعامل الوحشي من لدن قوات الأمن معهم دون الأخذ بعين الاعتبار "الوضعية المفترضة" لهم في المجتمع، أي كرامة بقيت لهؤلاء إذن وسط عالم لا يقيم أي وزن واحترام لهم؟ وكيف سيكون موقفهم أمام التلاميذ والصور التي توثق لحظات الاعتداء عليهم غزت مواقع التواصل الاجتماعي؟ أي "احترام" بقي لمعلم ومعلمة تصرخ في الشارع مضرجة بدمائها؟

من الطبيعي أن نضع النقط على الحروف ونتجاوز لغة "الخطابة" و"الشعارات"، ونواجه الحقائق بكل بشاعتها وقتامتها ونقول إن "معلم اليوم" يصارع من أجل لقمة العيش ويناضل كي يحصل فلذات أكباده على تعليم يوازي طموحاتهم، وفي نفس الوقت وياللمفارقة نطالبه ونحاسبه بدون هوادة حين يقصر في حق "أبنائنا"، هنا نتجاهل أنَّ لهذا الشخص "الإنسان" كذلك عائلة وأولاداً يكافح كي يضمنوا مستقبلاً مريحاً ويخلصوا آباءهم من مهنة أضحت "جحيماً" لا يطاق بشهادة "أبنائها"، فهل كان من الصعب أن نلتفت لهؤلاء قبل فوات الأوان؟ قبل أن يصرخوا ويضربوا وتنتهك كرامتهم في الشوارع؟

كفانا كذباً وضحكاً على الذقون ولنقفْ جميعاً في صف وخندق "المعلم" كي ينال حقوقه المشروعة ونعيد له الاعتبار والقيمة التي يستحقها كمربي ومسؤول إذا صلح حاله ووضعه يصلح مجتمعنا ويرتقي بعيداً عن الجرائم والتخلف وكل هذه الظواهر المشينة التي باتت تفسد حياتنا وتكدرها، فهل ستكون "هبة" المغرب وتونس وفلسطين مقدمة للوقوف على مكامن الخلل وإصلاحها، وبالتالي إيقاظ المسؤولين من سباتهم العميق؟

.. في انتظار ذلك أعتذر من "أمير الشعراء" فقد أضحى المعلم "فقيراً معدماً" وكاد أن يصبح "شهيدا "..

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد