داعش والأسد .. وتفجيرات الزهراء

منذ نشأة التنظيم وكل تصرفاته كانت تصب في صالح النظام وتعادي الثوار بشكل واضح وصريح، ولا يراودني أدنى شك في عمالة التنظيم للأسد أو لدول داعمة له، ولو فجرّت داعش القصر الجمهوري، لبقيت في نظري هي والأسد وجهين لعملة واحدة.

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/23 الساعة 02:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/23 الساعة 02:36 بتوقيت غرينتش

قبل قرابة أربع سنوات، وفي حوالي الساعة السابعة مساءً، أخطأت طريق العودة إلى المنزل، ودخلت في حي الزهراء "ذي اللون الطائفي الواحد" عبر الخطأ، عرفت ذلك عندما بدا لي أول الحواجز مشيراً بكشافه الآلي، توقفت السيارة أمامه، وبدأ بالتفتيش وإلقاء الكلام والتهم، ماذا تفعلون في حيّنا؟ من أنتم؟ ما الذي جاء بكم؟ وعشرات الأسئلة التي جعلت قلبي يخفق لدرجة كبيرة، كاد أن يسمعها ذاك الضابط، اقترب مني "عد في الاتجاه ذاته ولا تلتفت لأحد، قل لهم الحاجز الأول سمح لي بالرجوع، ولا أضمن لك سلامتك"..

لم يكن لدي خيار آخر، فأمامي أكثر من عشر حواجز في مسافة لا تزيد عن عشرين متراً كانوا منتشرين كالضباع التي تنتظر فريستها، قررت العودة، ولا أعلم كيف خرجت من هناك حتى اللحظة..

طيلة أربع سنوات مرّت، ازدادت التشديدات الأمنية حول حي الزهراء في مدينة حمص، فهناك حاجز جديد كل أسبوع، إضافة لانتشار اللجان شعبية منتشرة طيلة اليوم، ومع ذلك يستطيع تنظيم داعش كل فترة التفجير داخل الحي.
لم يعد يخفى على عاقل الارتباط الداعشي الوثيق مع النظام، لكن ما يحيرني دائماً هو ما الفائدة التي يجنيها النظام من تلك التفجيرات؟ وما حقيقة العلاقة بين داعش والنظام؟


مكافأة :

قبل يوم من تفجير الزهراء والسيدة زينب الأخيرين، انسحب تنظيم الدولة من أكثر من عشرين قرية ومن المحطة الحرارية في ريف حلب الشرقي، ليتركها بيد الأسد دون أي مقاومة تذكر، واليوم يفجر التنظيم صمام أمان النظام في مدينة حمص، ومعقل الشيعة الرئيسي في العاصمة دمشق.
كيف؟ لماذا؟ وأسئلة كثيرة أخرى لم تخطر ببالي أنا فحسب، بل ناقشها في عقله كل متابع للوضع السوري، لربما كان سماح النظام بالتفجير ذاك، لينسي به مؤيدو التنظيم ما فعله داعش من انسحابات في ريف حلب الشرقي، في الوقت الذي يستشري فيه النظام للسيطرة على نقطة جديدة في حلب وريفها، وكأن لسان حال النظام يقول للتنظيم " مكافئة لك على انسحابك من عشرين قرية في ريف حلب الشرقي، وكي لا تخسر أحداً من مؤيديك الذين لم يستيقظوا من صدمة الانسحاب تلك، والتي ستعريك أمامهم، دعنا ننسيهم ما فعلت في حلب، ولتفجر في الزهراء والسيدة زينب. "

أو لربما كان التفجير تصفية حسابات بين قيادات النظام ذاته. وما تسهيل دخول المفخخات إلا لأغراض يسعى لها بعض القيادات، كإزاحة بعض المسؤولين من مناصبهم، إسقاط المحافظ، عزل وزير ما، أو رئيس فرع ما..

فسريعاً وبعد كل تفجير، تعلو أصوات مؤيدي النظام (الشعب يريد إسقاط المحافظ، الشعب يريد إسقاط الوزير) لكن دون الاقتراب من رأس الهرم، فكم من اعتصام وهتاف خرج من أهالي حي الزهراء في حمص، مطالباً بإقالة المحافظ "طلال برازي" دون أن يحدث أي تغيير، أو لربما حصلت بعض التغييرات على مستوى اللجنة الأمنية فقط، محاولين إقناع الحاضنة الشعبية لأكبر عدد من المقاتلين في جيش النظام، بتحسن الأوضاع لاحقاً، ليفاجأ بعدها السكان بتفجير جديد.

منذ نشأة التنظيم وكل تصرفاته كانت تصب في صالح النظام وتعادي الثوار بشكل واضح وصريح، ولا يراودني أدنى شك في عمالة التنظيم للأسد أو لدول داعمة له، ولو فجرّت داعش القصر الجمهوري، لبقيت في نظري هي والأسد وجهين لعملة واحدة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد