غسيل وتبيض الإرهاب!

هكذا استثمرت إيران وحزب الله الأحداث والبيانات؛ لتغطي على جرائمها القذرة وعمليات التطهير المذهبي والعرقي في كل من سوريا والعراق، وهو ما يمكن تسميته "تبييض الإرهاب" في أوضح صوره.

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/22 الساعة 02:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/22 الساعة 02:58 بتوقيت غرينتش

"تبييض الإرهاب".. مصطلح جديد يمكن إطلاقه على ظاهرة فريدة من نوعها طفت على السطح منذ سنوات قليلة، وتحديداً بعد الربيع العربي..
فما هو تبييض الإرهاب وغسيله وتلميعه؟ وما هي صوره وأشكاله؟ ومن هم المستفيدون من هذه العملية؟

لعل الكثير من الناس -والمثقفين بوجه خاص- يعرفون شيئاً اسمه تبييض أو غسيل الأموال، وتعريفها باختصار بحسب المراجع المختصة: "هي جريمة اقتصادية تهدف إلى إضفاء شرعية قانونية على أموال محرمة لغرض حيازتها أو التصرف بها واستثمارها".. (أ.هـ).

وهي عملية يقوم بها العصابات والأفراد المتاجرون بالممنوعات مثل تهريب المخدرات وتجارة البشر والدعارة وتزوير الأوراق النقدية وتهريب الآثار والسلاح ومن ثم تحويل الأموال التي اكتسبوها من هذه الطرق غير المشروعة وهي في العادة مبالغ طائلة يصعب تبرير ظهور أثرها على الأفراد والجماعات؛ مما يدفعهم لاختلاق واجهات تجارية مشروعة كشراء العقارات وإنشاء شركات وهمية للبيع وللتصدير والاستيراد ومراكز التسوق تخول لهم تدوير هذه الأموال لتصبح أموالاً مشروعة مسجلة بحسابات رسمية في البنوك والمؤسسات المالية المختلفة؛ وهكذا يتمكن أصحابها من الإفصاح عن أموالهم وعقاراتهم، بعدما تم لهم ما أرادوا وهو ما يطلق عليه في لغة الاقتصاد عملية تبييض أو غسيل الأموال.

أما في حالتنا التي نحن بصددها، وهي تبييض الإرهاب، فهي ما تقوم به بعض الدول والجماعات والقيادات السياسية من عملية تزوير للتاريخ وخداع للجماهير، من خلال إلباس عملياتها الإجرامية والإرهابية والاستعمارية ثوب المقاومة والتصدي للاحتلالات ونشر الديمقراطية وإلباس جرائمها ثياب العمليات الإنسانية كما تفعل الولايات المتحدة الأميركية عند تدخلها في أي مكان..

ولعل أكثر صورة لهذه الجريمة تظهر جلية فيما تقوم به إيران وحزب الله والنظام السوري وروسيا.. وإن أكثر ما يهمنا نحن العرب والمسلمين في هذه المرحلة ما تقوم به الدول والحركات التي تدعي المقاومة والممانعة في مواجهة العدوان الصهيوني.. بأكبر عملية تبييض للإرهاب.

فعند اندلاع الثورة السورية في عام 2011 ووجد النظام السوري نفسه في وضع حرج كبير، ومن أجل مواجهتها بعنف وبكل قسوة كان لا بد أن يتذرع بحجج وذرائع تغطي فيه جرائمه ضد الشعب السوري،فكان إلصاق تهمة الإرهاب بالمنتفضين والترويج لمؤامرة أميركية صهيونية غربية تهدف لإسقاط نظام المقاومة المزعوم..

من هنا وجدت كل من إيران وحزب الله ضالتهم في هذا الغطاء الإعلامي لتدخلهم السافر لجانب النظام السوري المجرم في قمع الشعب وقتله وتدميره وتشريده؛ وكل ذلك تحت غطاء وعنوان كبير هو حماية نظام الممانعة والمقاومة في دمشق.. وجعلوا قتل المدنيين العزل وقصف المدارس والمشافي أعمالاً مشروعة وسموها القضاء على أوكار الإرهابيين والتكفيريين؛ ولأجل التغطية على جرائمهم ظلوا طوال الوقت يتكلمون عن جرائم الاحتلال الصهيوني واستمروا في إطلاق عبارات الدعم السياسي للمقاومة الفلسطينية، ولأجل الإمعان في التضليل قلصوا معوناتهم، لا..بل أوقفوها في بعض الأحيان لفصائل المقاومة الفلسطينية لمقايضتهم على مواقفهم تجاه ما يجري في سوريا.

واضطرت بعض قيادات المقاومة وخصوصاً حماس تحت وطأة الحصار الخانق المفروض عليها من مصر وإسرائيل أن تعلن عن شكرها لدور إيران في دعم كتائب القسام الذراع العسكرية لحماس، وهكذا انتزعت شهادة حُسن سير وسلوك من أهم وأكبر فصيل فلسطيني مقاوم لتُشهرها في وجه الناقدين والرافضين لسياستها في سورية..

في المقابل تُكرر قيادات حزب الله معزوفة مقاومة الاحتلال وإعدادها للحظة المواجة، وقد ساعدها في ذلك قيام إسرائيل باستهداف بعض قياداتهم العسكرية على الأرض السورية، مثل "سمير القنطار" و"جهاد عماد مغنية"، ومن ثم استغلال الحدث إعلاميًّا.. من خلال أنه ما دامت إسرائيل تستهدف قيادات حزب الله في سورية، فهو دليل قاطع على الدور المهم الذي تقوم به عناصره في مواجهة المشروع الصهيوني في سوريا.

والأدهى من ذلك أنْ يدَّعي حزب الله أن اغتيال "سمير القنطار" جاء على خلفية دوره في تشكيل مجموعات مقاومة سورية للعمل في الجولان على غرار الحزب في لبنان وينساق بعض المغفلين والمنتفعين والمنافقين من قيادات المقاومة الفلسطينية في هذا التيار ويقدمون التعازي وينددون بعملية الاغتيال، رغم أن القنطار كان يقوم بتشكيل وحدات درزية وقيادتها في مواجهة الثوار في غوطة دمشق، ولماذا وحدات درزية لأن القنطار ببساطة درزي وأراد حزب الله استغلال موقعه وسمعته وتاريخه؛ عندما سُجن ثلاثين عاماً لدى الاحتلال في فترة عمله مع أحد الفصائل الفلسطينية.. هكذا استثمرت إيران وحزب الله الأحداث والبيانات؛ لتغطي على جرائمها القذرة وعمليات التطهير المذهبي والعرقي في كل من سوريا والعراق، وهو ما يمكن تسميته "تبييض الإرهاب" في أوضح صوره.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد