التجارة بالإرهاب

لعل الجميع بات يدرك أن تجارة الإرهاب باتت علامة تجارية مسجلة باسم الإرهابيين من دول وأنظمة وجماعات تهدف إلى تحقيق مصالحها تحت عنوان التجارة بالإرهاب

عربي بوست
تم النشر: 2016/02/15 الساعة 03:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/02/15 الساعة 03:54 بتوقيت غرينتش

لا يزال مفكرو القانون وجهابذة القانون الدولي منقسمين حول تعريف محدد للإرهاب، ولا تزال الأمم المتحدة تصدر قرارات تؤكد تصديها للإرهاب وضرورة محاربته.

شكل اغتيال رئيس حكومة لبنان رفيق الحريري في شباط من العام 2005 نقطة بداية مهمة في وضع تعريف للإرهاب. غداة الاغتيال اعتبر مجلس الأمن أن هذه الجريمة البشعة هي جريمة إرهابية، وجاهد مجلس الأمن مع الحكومة اللبنانية لإنشاء محكمة خاصة لمحاكمة القتلة الإرهابيين، إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل نتيجة لسياسة اغتيال النواب المشرعين في البرلمان اللبناني والوزراء لتعطيل الأُطر الدستورية التي تتطلبها تلك الإجراءات.

وكانت التصفيات تنال الشخصيات المعارضة لحزب الله والنظام السوري. تلك التعقيدات المترافقة مع عمليات الاغتيال والتصفية الجسدية دفعت مجلس الأمن لتشكيل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي أقرها تحت الفصل السابع. وكانت تلك المحكمة هي النواة القانوينة الأولى لتعريف الإرهاب ومحاربته. يذكر أن المحكمة الخاصة بلبنان تحاكم غيابيًّا خمسة عناصر من حزب الله متهمين بقتل الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، والذين قال عنهم أمين عام حزب الله حسن نصرالله إنهم قديسون.

لا تزال ميليشيا حزب الله تشارك نظام الأسد إرهابه الذي قتل حتى هذه اللحظة ما يجاوز 450 ألف سوري باستعمال السلاح الكيمائي المحرم دوليًّا وباستعمال براميل البارود وباستخدام سلاح التجويع والعطش وسياسة الأرض المحروقة والإبادة الجماعية وكل ما يخطر على بال البشر من إجرام ووحشية. هذه الوحشية شارك فيها ميلشيشات شيعية عراقية وباكستانية وأفغانية، بالإضافة إلى الجيش الروسي الذي لم يوفر المدارس والمستشفيات والمخابز في قصفه للتجمعات في المناطق الخاضغة لسيطرة المعارضة السورية.

رغم كل هذه الأعمال الإرهابية الوحشية لا يزال النظام السوري يصف معارضيه بالإرهابيين، وما يزال العالم بأكثريته يريد الحفاظ على النظام الإرهابي بحجة مكافحة الإرهاب.
ثبت بالتحقيقات الأمنية والقضائية في لبنان، أن أخطر شبكة كانت تخطط لإحداث خمسة وعشرين عملاً إرهابيًّا تفجيريًّا هي شبكة سماحة مملوك التي يترأسها بشار الأسد ويشاركه فيها رئيس جهاز الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك. ضغط حزب الله والنظام السوري على القضاء العسكري لتجنب إصدار حكم قضائي على اللواء مملوك ولتجنب الادعاء على بشار الأسد وبثينة شعبان مستشارة بشار الأسد رغم ثبوت الأدلة ضدهم، ولا يزال حزب الله والنظام السوري يصدران البيان تلو البيان عن مشروعهما الرامي لمحاربة الإرهاب.

دأب النظام النظام السوري الذي حكم لبنان مدة خمسة وثلاثون عاماً على استعمال اسم المجموعات الإسلامية كفزاعة إرهابية لتبرير وجوده كقوة عسكرية ليتبين للعالم كله أن تلك الشبكات التي حملت اسم الجماعات الإسلامية كفتح الإسلام وشبكة أبو عدس التي تبنت اغتيال الحريري هي شبكات ذات تنظيم مخابراتي سوري إيراني بتنفيذ من حزب الله وغيره من خلايا النظام السوري.

لا يزال الكثير من المسؤولين اللبنانيين يوارون الحقائق ويدعمون نظام الإرهاب السوري ويغطون إرهاب ميليشيا حزب الله بالبيانات والقرارات الحكومية من أجل مصالح مشتركة بين الأطراف.

تحت شعار محاربة الإرهاب لا تزال المنظمات الشيعية تتمتع بحماية دولية أو أقله سكوت عالمي عن ذبح سنة العراق وسوريا واليمن ولا يزال العالم عاجزاً عن إدخال الطعام إلى خمس وعشرين منطقة سورية محاصرة من قبل النظام وحلفائه.

أكثر من يمارس الإرهاب في عالمنا العربي هم من يدعون محاربة الإرهاب، ولعل مفهوم محاربة الإرهاب أصبح تجارة أساسية للنظام الإيراني الذي ملأ إرهابه الدول العربية والأوروبية من تفجير وتجارة مخدرات وتبييض أموال.

العجب العجاب أن يتهافت الغرب لتطوير علاقته مع النظام الإيراني رغم معرفتهم العميقة بما ارتكبه ويرتكبه ذلك النظام من إرهاب.
تستمر روسيا بارتكاب أفظع الجرائم بحق الشعب السوري عبر استهداف المستشفيات والمدارس والأحياء السكنية بصواريخ وقنابل محرمة دوليًّا محاولة تأمين نصر وهمي لنظام بشار الأسد تحت الشعار الوهمي محاربة الإرهاب.

لعل الجميع بات يدرك أن تجارة الإرهاب باتت علامة تجارية مسجلة باسم الإرهابيين من دول وأنظمة وجماعات تهدف إلى تحقيق مصالحها تحت عنوان التجارة بالإرهاب.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد